التذكير والتأنيث بالطبع فهو الحيوان الذي خلقه الله تعالى منه ذكراً وأنثى؛ وأما التأنيث والتذكير بالاصطلاح والوضع فكالنجوم والجبال والشجر والدواب، وما أشبه ذلك مما ليس فيه [ذكر] ولا أنثى على الحقيقة. وما كان من الحيوان فهو على ضربين: أحدهما ما يعرف شخص الذكر فيه من الأنثى بالمعاينة، فما كان هكذا فقد فصلت العرب فيه بين الذكر والأنثى لمخالفة الأسماء فقالوا: رجل وامرأة، وديك ودجاجة، وحمار وأتان، وبعير وناقة، وكبش ونعجة، وأشباه ذلك؛ وما اشتبه من ذلك في العيان، فقد فصلوا فيه بالهاء فقالوا: ثعلب وثعلبة، وغلام وغلامة، وفصلوا بين المذكر والمؤنث وأوصافهما بالتاء في قامت، والنون في قمن، والمدة في حمراء، والألف في حبلى والهاء في ظريفة. وأما ما لا يستحق التذكير والتأنيث بطبعه فالأصل فيه التأنيث، والتذكير داخل عليه، فإذا اجتمع المذكر والمؤنث من هذا الباب غلبت التأنيث، كما قال الله عز وجل: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} وقال: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} وقد قسمت العرب ما كان من هذا الباب فأنثت بعضاً وذكرت بعضاً، وعدلت في ذلك بين الشيء ونظيره، فأنثت الشمس وذكرت القمر، وأنثت الأرض وذكرت الجو، وأنثت الناب وذكرت الباب، وأنثت العقاب وذكرت الغراب، وليس يوصل إلى علم المذكر والمؤنث من هذا الباب إلا بالسماع دون القياس، إلا فيما ظهرت فيه علامات التأنيث التي قدمناها من الهاء والياء والمدة والألف، وما ظهرت في تصغيره مثل نار ونويرة وعين وعينية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015