النفس مخالف للهواء الذي بين السماء والأرض وإن اتفقنا في الاسم، وكذلك اختلاف الأسماء إذا اتفقت المعاني لا يوجب اختلافاً في المعاني كالنأي والبعد، وكلاهما واقع على معنى واحد، فمن أراد أن يحكم الأمر في القياس فليصحح الكلام، ويتفقد أمر الحد والوصف ويتأمل ذلك تأملاً شافياً حتى لا يجعل الوصف الذي يوجب الحكم الجزئي في موضع الحد الذي يوجب الحكم الكلي، وأن يتثبت في القضاء ولا يعجل في الحكم فإن العجل موكل به الزلل، وقد قالت القدماء: إن أحد أسباب الخطأ في القضية، قصر مدة الروية، وأكثر من غلط في القياس إنما غلط في سوء التمثيل، ومسامحة النفس في ترك التحصيل، والمبادرة في الحكم بغير روية ولا فكر.

وليس يجب القياس إلا عن قول يتقدم فيكون القياس نتيجة كقولنا: إذا كان الحي حساساً متحركاً فالإنسان حي، وربما كان ذلك في اللسان العربي مقدمة أو مقدمتين، أو أكثر على [قدر] ما يتجه من إفهام المخاطب. فأما أصحاب المنطق فيقولون: إنه لا يجب قياس إلا عن مقدمتين لإحداهما بالأخرى تعلق، والقول على الحقيقية كما قالوا، وإنما يكتفى في لسان العرب بمقدمة واحدة على التوسع وعلم المخاطب.

والنتائج ثلاث: إحداها ما صدر عن قول مسلم في العقل لا خلاف فيه، فتكون النتيجة عنه برهاناً كقولنا: إذا كان الزوج ما ركب من عددين متساويين فالأربعة زوج، والأخرى ما صدر عن قول مشهور إلا أنه مختلف فيه، فتكون النتيجة عنه إقناعاً كقولنا: إذا كان حق الباري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015