وأما الفصيح من الكلام: فهو ما وافق لغة العرب، ولم يخرج عما عليه أهل الأدب، ولتصحيح ذلك وضع النحو، ولجمعه وضعت الكتب في اللغة، وذكر المستعمل منها والشاذ والمهمل، وحق من نشأ في العرب أن يستعمل الاقتداء بلغتهم، ولا يخرج عن جملة ألفاظهم، ولا يقنع من نفسه بمخالفتهم فيخطئوه ويلحنوه.

واللحن: ما خالف اللغة العربية، وخرج عن استعمال أهلها وما بنى عليه إعرابها، وهو معيب عند الأدباء في الجملة وعلى من يأخذ نفسه بالإعراب، ويتكلم بالغريب من لغة الأعراب أعيب، ويروى أن عمر - رضي الله عنه - كان يضرب على اللحن.

فأما العرب إذا لحن أحد منهم لقربه من الحاضرة، ونزوله على طريق السابلة سقطت عند أهل اللغة منزلته ورفضت لغته، وإنما يصح الإعراب لأحد رجلين: إما أعرابي بدوي قد نشأ حيث لا يسمع غير الفصاحة والإصابة، فيتكلم على حسب عادته وسجيتهن ومتى خوطب باللحن لم يفهمه مثل ما حكي عن رجل لبعض الأعراف، وقد سأله عن أهله كيف أهلك؟ فقال له الأعرابي "قتلاً بالسيف إن شاء الله" فظن الأعرابي أنه سأله كيف يموت؟ ولو قال له: كيف أهلك؟ لأجابه بجوابه، ويروى أن الوليد قال لرجل: من ختنك؟ قال: يهودي. فضحك منه فقال له: لعلك أردت من ختنك؟ فهو فلان ابن فلان، وإما المولد الذي قد تأدب ونظر في النحو واللغة، وأخذ بهما نفسه، ومرن عليهما لسانه، حتى صار ذلك عادة له. فأما لغيرهما فليس يصح إعراب، وربما اغتفر في دهرنا هذا اللحن للإنسان في كلامه لكثرة اللحن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015