قال السدي (?): قال لا أذكر لكم ذنبكم يغفر الله لكم وهذا دعاء من يوسف لإخوته بأن يغفر الله لهم ذنبهم يقول: عفا الله لكم عن ذنبكم وظلمكم لي، فستره عليكم والله أرحم الراحمين لمن تاب من ذنبه وأناب (?).

وقولُهُ: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا} ذكر أن يوسف لما عرّف نفسه إخوته، سألهم عن أبيه، فقالوا: ذهب بصره من الحزن! فعند ذلك أعطاهم قميصَه وقال لهم: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي} يقول يَعُود بصيرًا, {وَاتُونِي بِأَهْلِكُمْ} أي: جيئوني بجميع أهلكم (?)، وتوجيهه القميص علامة جعلها الله لشمه رائحة يوسف, وبشارة به قبل لقائه. قال الحسن والسدي في رد بصره عليه: معجزة جعلها الله, ويحكى أن يهوذا قال: أنا ذهبت بالقميص ملطخا بالدم, وأخبرته أن يوسف أكله الذئب, وأنا أذهب اليوم بالقميص فأخبره أنه حي فأفرحه كما أحزنته, فهو كان البشير (?). وقد تضمنت الآيات البيان عما يوجبه الجهل من سلوك طريق الغي وحمل النفس على الظلم الذي يؤدي إلى الذل بعد العز, والفقر بعد الغنى, والبيان عما يوجبه صبر التقوى من إسباغ النعمة على صاحبه بما لا يهتدي لطلبه من جود الله وكرمه, والبيان عما توجبه الفضيلة من الإيثار لصاحبها ببسط يده وتمكينه وعلوه على غيره ممن لا يستحق مثل منزله, والبيان عما يوجبه الصفح عن الذنب من تطييب نفس صاحبه بأنه لا تبعة عليه فيه ولا ضرر يلحقه لأخيه, والبيان عما يوجبه منتهى الأمد في محبة الصابر من تبليغه المحنة على نهاية الأمنية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015