ما روى السدي وابن إسحاق (?). ويعنى بتأويله: ما يؤول إليه ويصير ما رأيا في منامهما من الطعام الذي رأيانه أتاهما فيه. {ذَلِكُمَا} هذا الذي أذكر أني أعلمه من تعبير الرؤيا: {مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} فعلمته، علمني ذلك ربي (?) , لأني {تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} , وجاء الخبر مبتدأ: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ}، والمعنى: مَا مِلْتُ، وإنما ابتدأ بذلك، لأن في الابتداء الدليل على معناه (?)
وقوله: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} أي: برِئْتُ من ملة من لا يصدق بالله ويقرّ بوحدانيته, {وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ} مع تركهم الإيمان بوحدانية الله لا يقرّون بالمعاد والبعث, ولا بثواب ولا عقاب (?)، "ـ" (?) هم مرتين (?) حُجر بينهما {بِالْآَخِرَةِ} فحسُن التّوكيد كما قال: {وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} (?) وكما قال: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} (?) فإن قال قائل: أين جواب يوسف للفتيين عما سألاه من تعبير رؤياهما من هذا الكلام؟ قيل: أن يوسف عليه السلام كره أن يجيبهما عن تأويل رؤياهما لما علم من مكروه ذلك على أحدهما, فأعرض عن ذكره, وأخذ في غيره ليعرضا عن مسألته الجواب بما سألاه عن ذلك, قال ابن جريج: كره العبارة لهما وأخبرهما بشيء لم يسألاه عنه ليريهما أن عنده علما، وكان الملك إذا أراد قتل إنسان صنع له طعاما