وقضي الأمر} عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى {اللَّهِ} لِأَنَّ قَضَاءَهُ قَدِيمٌ
وَذَكَرَ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْعُمُومُ كَانَ قَوْلُهُ: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ أَنْشَأَهَا وَأَوْجَدَهَا {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا} يَعْنِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ هَذِهِ صِفَتُهَا وَإِنْ أريد به المخاطبون بمكة كان قوله: {خلق} عَطْفًا عَلَى {خَلَقَكُمْ} وَمُوجِبُ ذَلِكَ الْفِرَارُ مِنَ التَّكْرَارِ
وَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ "جِبْرِيلَ" مَعْطُوفًا عَلَى لَفْظِ الْجَلَالَةِ فَلَا تَكُونُ الْآيَةُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَلَوْ سَلَّمْنَا بِعَطْفِهِ عَلَى رُسُلِهِ فَكَذَلِكَ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّسُلِ مِنْ بَنِي آدَمَ لِعَطْفِهِمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَلَيْسُوا مِنْهُ وَفِي الْآيَةِ سُؤَالَانِ
أَحَدُهُمَا: لِمَ خَصَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ بِالذِّكْرِ؟ الثَّانِي: لِمَ قَدَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ؟
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَصَّهُمَا بِالْحَيَاةِ فَجِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ الَّذِي هُوَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ وَمِيكَائِيلُ بِالرِّزْقِ الَّذِي هُوَ حَيَاةُ الْأَبْدَانِ وَلِأَنَّهُمَا كَانَا سَبَبَ النُّزُولِ فِي تَصْرِيحِ الْيَهُودِ بِعَدَاوَتِهِمَا
وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ حَيَاةَ الْقُلُوبِ أَعْظَمُ مِنْ حَيَاةِ الْأَبْدَانِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ