ونحوه: {سيجعل لهم الرحمن ودا} {ولسوف يعطيك ربك فترضى} {سوف يؤتيهم أجورهم} لَكِنْ قَالَ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} مَعْنَى الْجَمْعِ بَيْنَ حَرْفَيِ التَّأْكِيدِ وَالتَّأْخِيرِ أَنَّ الْعَطَاءَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ وَإِنْ تَأَخَّرَ

وَقَدِ اعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ وُجُودَ الرَّحْمَةِ مُسْتَفَادٌ مِنَ الْفِعْلِ "لَا" مِنَ السِّينِ وَبِأَنَّ الْوُجُوبَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَا مَحَالَةَ لَا إِشْعَارَ لِلسِّينِ بِهِ

وَأُجِيبَ بِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ السِّينَ مَوْضُوعَةٌ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْوُقُوعِ مَعَ التَّأَخُّرِ فَإِذَا كَانَ الْمَقَامُ لَيْسَ مَقَامَ تَأْخِيرٍ لِكَوْنِهِ بِشَارَةً تَمَحَّضَتْ لِإِفَادَةِ الْوُقُوعِ وَتَحْقِيقِ الْوُقُوعِ يَصِلُ إِلَى دَرَجَةِ الْوُجُوبِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنَ الْمَقَامِ لَا مِنَ السِّينِ

وَالثَّانِي: أَنَّ السِّينَ يَحْصُلُ بِهَا تَرْتِيبُ الْفَائِدَةِ لِأَنَّهَا تُفِيدُ أَمْرَيْنِ الْوَعِيدُ وَالْإِخْبَارُ بِطُرُقِهِ وَأَنَّهُ مُتَرَاخٍ فَهُوَ كَالْإِخْبَارِ بِالشَّيْءِ مَرَّتَيْنِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِخْبَارَ بِالشَّيْءِ وَتَعْيِينَ طُرُقِهِ مُؤْذِنٌ بِتَحَقُّقِهِ عِنْدَ المخبر به

ثالثها: النُّونُ الشَّدِيدَةُ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ ذِكْرِ الْفِعْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَبِالْخَفِيفَةِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ ذَكْرِهِ مَرَّتَيْنِ

قِيلَ: وَهَذَانَ النُّونَانِ لِتَأْكِيدِ الْفِعْلِ فِي مُقَابَلَةِ تَأْكِيدِ الِاسْمِ بِأَنَّ وَاللَّامِ وَلَمْ يَقَعْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015