العذاب} وَالْجَوَابُ إِنَّ التَّضْعِيفَ هُنَا لَيْسَ عَلَى حَدِّ التَّضْعِيفِ فِي الْحَسَنَاتِ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ لِتَضَاعِيفِ مُرْتَكَبَاتِهِمْ فَكَانَ لِكُلِّ مُرْتَكِبٍ مِنْهَا عَذَابٌ يَخُصُّهُ فَلَيْسَ التَّضْعِيفُ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ عَلَى مَا هُوَ فِي الطَّرِيقِ الْآخَرِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ هُنَا تَكْثِيرُهُ بِحَسْبِ كَثْرَةِ الْمُجْتَرَحَاتِ لِأَنَّ السَّيِّئَةَ الْوَاحِدَةَ يُضَاعَفُ الْجَزَاءُ عَلَيْهَا بِدَلِيلِ سِيَاقِ تِلْكَ الْآيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافرون} فَهَؤُلَاءِ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ وَبَغَوْهَا عِوَجًا وَكَفَرُوا فَهَذِهِ مُرْتَكَبَاتٌ عُذِّبُوا بِكُلِّ مُرْتَكَبٍ مِنْهَا
وَكَقَوْلِهِ: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مشركين} مع قوله: {ولا يكتمون الله حديثا} فَإِنَّ الْأُولَى تَقْتَضِي أَنَّهُمْ كَتَمُوا كُفْرَهُمُ السَّابِقَ وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ لِلْقِيَامَةِ مُوَاطِنَ فَفِي بَعْضِهَا يَقَعُ مِنْهُمُ الْكَذِبُ وَفِي بَعْضِهَا لَا يَقَعُ كَمَا سَبَقَ وَالثَّانِي أَنَّ الْكَذِبَ يَكُونُ بِأَقْوَالِهِمْ وَالصِّدْقَ يَكُونُ مِنْ جَوَارِحِهِمْ فَيَأْمُرُهَا اللَّهُ تَعَالَى بِالنُّطْقِ فَتَنْطِقُ بِالصِّدْقِ
وَكَقَوْلِهِ: {وَلَا تكسب كل نفس إلا عليها} مَعَ قَوْلِهِ: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت} وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ: لَا تَكْسِبُ شَرًّا وَلَا إِثْمًا بِدَلِيلِ سَبَبِ