وَأَوْجَبَ بِهَا حُكْمًا مِنَ الْأَحْكَامِ ثُمَّ ادَّعَى تِلْكَ الْعِلَّةَ بِعَيْنِهَا فِيمَا يَأْبَاهُ الْحُكْمُ فَقَدْ تَنَاقَضَ فَإِنْ رَامَ الْفَرْقَ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ لِأَنَّهُ فِي فَرْقِهِ تَنَاقُضٌ وَالزِّيَادَةُ فِي الْعِلَّةِ نَقْصٌ أَوْ تَقْصِيرٌ عَنْ تَحْرِيرِهَا فِي الِابْتِدَاءِ وَلَيْسَ هَذَا عَلَى السَّائِلِ

وَكُلُّ مَسْأَلَةٍ يُسْأَلُ عَنْهَا فَلَا تَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ إِمَّا أَنْ يُسْأَلَ فِيمَا يَسْتَحِقُّ الْجَوَابَ عَنْهُ أَوْ لَا فَأَمَّا الْمُسْتَحِقُّ لِلْجَوَابِ فَهُوَ مَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ وَيَجُوزُ وَأَمَّا مَا اسْتَحَالَ كَوْنُهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ جَوَابًا لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ الْقِيَامُ وَالْقُعُودُ فَسَأَلَ هَلْ يَكُونُ الْإِنْسَانُ قَائِمًا مُنْتَصِبًا جَالِسًا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ فَقَدْ أَحَالَ وَسَأَلَ عَنْ مُحَالٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْجَوَابَ فَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ عُرِّفَ فَإِذَا عَرَفَهُ فَقَدِ اسْتَحَالَ عِنْدَهُ مَا سَأَلَهُ قَالَ وَقَدْ رَأَيْتُ كَثِيرًا مِمَّا يَتَعَاطَى الْعِلْمَ يَسْأَلُ عَنِ الْمُحَالِ وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ مُحَالٌ وَيُجَابُ عَنْهُ وَالْآفَاتُ تَدْخُلُ عَلَى هَؤُلَاءِ لِقِلَّةِ علمهم بحق الكلام

فصل في الأسباب الموهمة الاختلاف

وَلِلِاخْتِلَافِ أَسْبَابٌ

الْأَوَّلُ: وُقُوعُ الْمُخْبَرِ بِهِ عَلَى أَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ وَتَطْوِيرَاتٍ شَتَّى كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي خلق آدم إنه: {من تراب} ومرة {من حمأ مسنون} ومرة {من طين لازب} ومرة {من صلصال كالفخار} وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ مُخْتَلِفَةٌ وَمَعَانِيهَا فِي أَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015