كَذَا قَالَهُ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَبَقَ.
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} إلى قوله: {من الخيط الأسود} ، فلو تعلق متعلق بقوله: {وكلوا واشربوا} فِي إِبَاحَةِ أَكْلِ أَوْ شُرْبِ كُلِّ شَيْءٍ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ لَكَانَ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ قَدْ غَفَلَ عَنْ أَنَّهَا لَمْ تَرِدْ مُبَيِّنَةً لِذَلِكَ، بَلْ مُبَيِّنَةً لِحُكْمِ جَوَازِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمُبَاشَرَةِ إِلَى الْفَجْرِ دَفْعًا لِمَا كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ مِنْ حَظْرِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ نَامَ، فَبَيَّنَ فِي الْآيَةِ إِبَاحَةَ مَا كَانَ مَحْظُورًا ثُمَّ أَطْلَقَ لَفْظَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ذوالمباشرة لا مَعْنَى إِبَانَةِ الْحُكْمِ فِيمَا يَحِلُّ مِنْ ذَلِكَ وَمَا يَحْرُمُ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ شُرْبُ الْخَمْرِ وَالدَّمِ وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ وَلَا الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا لَا يُبْتَغَى مِنْهُ الْوَلَدُ، وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ فِي الْعُمُومِ إِلَى الْمَعَانِي لَا لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ قَالَ الْقَفَّالُ وَمَنْ ضَبَطَ هَذَا الْبَابَ أفاد علما كثيرا
فصل
الأحكام المستنبطة من تنبيه الخطاب
ومما تستثمر مِنْهُ الْأَحْكَامُ تَنْبِيهُ الْخِطَابِ وَهُوَ إِمَّا فِي الطَّلَبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} فَنَهْيُهُ عَنِ الْقَلِيلِ مُنَبِّهٌ عَلَى الْكَثِيرِ، وَقَوْلُهُ: {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم} يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِحْرَاقِ وَالْإِتْلَافِ.