وهذا بخلاف قوله: {يا عباد لا خوف عليكم} فَإِنَّهَا ثَبَتَتْ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ غَيْرَ مَحْجُوبِينَ عَنْهُ جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْهُمْ إِنَّهُ مُنْعِمٌ كَرِيمٌ وَثَبَتَ حَرْفُ النِّدَاءِ فَإِنَّهُ أَفْهَمَهُمْ نِدَاءَهُ الْأُخْرَوِيَّ فِي مَوْطِنِ الدُّنْيَا فِي يَوْمِ ظُهُورِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ وَفِي مَحَلِّ أَعْمَالِهِمْ إِلَى حُضُورِهِمْ يَوْمَ ظُهُورِهِمُ الْأُخْرَوِيَّ بَعْدَ مَوْتِهِمْ وَفِي محل جزائهم
وكذلك: {يا عبادي الذين أسرفوا على} ثَبَتَ الضَّمِيرُ وَحَرْفُ النِّدَاءِ فِي الْخَطِّ فَإِنَّهُ دَعَاهُمْ مِنْ مَقَامِ إِسْلَامِهِمْ وَحَضْرَةِ امْتِثَالِهِمْ إِلَى مَقَامِ إِحْسَانِهِمْ وَمِثْلُهُ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} في العنكبوت فَإِنَّهُ دَعَاهُمْ مِنْ حَضَرَتِهِمْ فِي مَقَامِ إِيمَانِهِمْ إِلَى حَضْرَتِهِمْ وَمَقَامِ إِحْسَانِهِمْ إِلَى مَا لَا نَعْلَمُهُ مِنَ الزِّيَادَةِ بَعْدَ الْحُسْنَى
وَكَذَلِكَ سَقَطَتَا فِي مَوْطِنِ الدُّعَاءِ مِثْلِ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي} حُذِفَتِ الْيَاءُ لِعَدَمِ الْإِحَاطَةِ بِهِ عِنْدَ التَّوَجُّهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِغَيْبَتِنَا نَحْنُ عَنِ الْإِدْرَاكِ وَحُذِفَ حَرْفُ النِّدَاءِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَيْنَا مِنْ أنفسنا وأما قوله: {وقيله يا رب} فَأُثْبِتَ حَرْفُ النِّدَاءِ لِأَنَّهُ دَعَا رَبَّهُ مِنْ مَرْتَبَةِ حُضُورِهِ مَعَهُمْ فِي مَقَامِ الْمِلْكِ لِقَوْلِهِ: {إن هؤلاء} وَأُسْقِطَ حَرْفُ ضَمِيرِهِ لِمَغِيبِهِ عَنْ ذَاتِهِ فِي تَوَجُّهِهِ فِي مَقَامِ الْمَلَكُوتِ وَرُتْبَةِ إِحْسَانِهِ فِي إسلامه
وكذلك في مثل: {يا قوم} دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْهُمْ فِي خِطَابِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْإِدْرَاكِ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِهِمْ فِي النِّسْبَةِ الرَّابِطَةِ بَيْنَهُمْ فِي الْوُجُودِ الْعُلْوِيَّةِ مِنَ الدَّلَائِلِ
وَالْقِسْمُ الثَّانِي إِذَا كَانَتِ الْيَاءُ لَامَ الْكَلِمَةِ فِي الْفِعْلِ أَوِ الِاسْمِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ