الْعُمُومَ فَقِيلَ مِنْ لِتُفِيدَ أَنَّ الْمَغْفُورَ الْمَاضِي وَعَدَمَ إِطْمَاعِهِمْ فِي غُفْرَانِ الْمُسْتَقْبَلِ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ حَتَّى يَجْتَنِبُوا الْمَنْهِيَّاتِ.

وَقِيلَ: إِنَّهَا لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ وَهُوَ حَسَنٌ لِقَوْلِهِ: {يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سلف} .

وَسِيبَوَيْهِ يُقَدِّرُ فِي نَحْوِ ذَلِكَ مَفْعُولًا مَحْذُوفًا أَيْ يَغْفِرُ لَكُمْ بَعْضًا مِنْ ذُنُوبِكُمْ مُحَافَظَةً عَلَى مَعْنَى التَّبْعِيضِ.

وَقِيلَ: بَلِ الْحَذْفُ لِلتَّفْخِيمِ وَالتَّقْدِيرُ يَغْفِرُ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ مَا لَوْ كَشَفَ لَكُمْ عَنْ كُنْهِهِ لَاسْتَعْظَمْتُمْ ذَلِكَ وَالشَّيْءُ إِذَا أَرَادُوا تَفْخِيمَهُ أَبْهَمُوهُ كَقَوْلِهِ: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ اليم ما غشيهم} . أَيْ أَمْرٌ عَظِيمٌ

وَقَالَ الصَّفَّارُ: مِنْ لِلتَّبْعِيضِ عَلَى بَابِهَا وَذَلِكَ أَنَّ غَفَرَ تَتَعَدَّى لِمَفْعُولَيْنِ أَحَدُهُمَا بِاللَّامِ فَالْأَخْفَشُ يَجْعَلُ الْمَفْعُولَ الْمُصَرَّحَ الذُّنُوبَ وَهُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي فَتَكُونُ مِنْ زَائِدَةً وَنَحْنُ نَجْعَلُ الْمَفْعُولَ مَحْذُوفًا وَقَامَتْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ مَقَامَهُ أَيْ جُمْلَةً مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَغْفُورَ لَهُمْ بِالْإِسْلَامِ مَا اكْتَسَبُوهُ فِي حَالِ الْكُفْرِ لا حَالِ الْإِسْلَامِ وَالَّذِي اكْتَسَبُوهُ فِي حَالِ الْكُفْرِ بَعْضُ ذُنُوبِهِمْ لَا جَمِيعُهَا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي آية الصدقة: {ويكفر عنكم من سيئاتكم} فَلِلتَّبْعِيضِ لِأَنَّ أَخْذَ الصَّدَقَةِ لَا يَمْحُو كُلَّ السَّيِّئَاتِ.

وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ الْأَخْفَشُ أَيْضًا قَوْلَهُ تَعَالَى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} .

أَيْ أَبْصَارَهُمْ وَقَوْلِهِ: {وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثمرات} .

أَيْ كُلُّ الثَّمَرَاتِ

وَقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نبأ المرسلين}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015