{وما تسقط من ورقة إلا يعلمها}
{مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ}
وَثَانِيهِمَا: لِتَوْكِيدِ الْعُمُومِ وَهِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى الصِّيغَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي الْعُمُومِ نَحْوَ مَا جَاءَنِي مِنْ أَحَدٍ أَوْ مِنْ دَيَّارٍ لِأَنَّكَ لَوْ أَسْقَطْتَ مِنْ لَبَقِيَ الْعُمُومُ عَلَى حَالِهِ لَأَنَّ أَحَدًا لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا لِلْعُمُومِ فِي النَّفْيِ.
وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَغَايُرِ الْمَعْنَيَيْنِ خِلَافُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهِ مِنْ تَسَاوِيهِمَا.
قَالَ الصَّفَّارُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي وَأَنَّهَا مُؤَكَّدَةٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَإِنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ عَلَى جَاءَنِي رَجُلٌ إِلَّا وَهُوَ يُرَادُ بِهِ مَا جَاءَنِي أَحَدٌ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِيهَا تَأْكِيدُ الِاسْتِغْرَاقِ مَعَ أَحَدٍ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا الِاسْتِغْرَاقُ فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَيْهِ فَلِهَذَا كَانَ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أَوْلَى.
قَالَ: وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الْمُؤَكِّدَةَ تَرْجِعُ لِمَعْنَى التَّبْعِيضِ فَإِذَا قُلْتَ مَا جَاءَنِي مِنْ رَجُلٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ مَا أَتَانِي بَعْضُ هَذَا الْجِنْسِ وَلَا كُلُّهُ وَكَذَا مَا أَتَانِي مِنْ أَحَدٍ أَيْ بَعْضٍ مِنَ الْأَحَدَيْنِ انْتَهَى.
وَقَالَ: الْأُسْتَاذُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الزبير نص سِيبَوَيْهِ عَلَى أَنَّهَا نَصٌّ فِي الْعُمُومِ قَالَ فَإِذَا قُلْتَ مَا أَتَانِي رَجُلٌ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ مَعَانٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تُرِيدَ مَا أَتَاكَ مِنْ رَجُلٍ فِي قُوَّتِهِ وَنَفَاذِهِ بَلْ أَتَاكَ الضعفاء.
والثاني: أَنْ تُرِيدَ أَنَّهُ مَا أَتَاكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ بَلْ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ
وَالثَّالِثُ: أَنْ تُرِيدَ مَا أَتَاكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَلَا أَكْثَرُ مِنْ ذلك