وَقِيلَ: مَوْصُولَةٌ وَضَعَّفَهُ أَبُو الْبَقَاءِ بِأَنَّ الَّذِي يَتَنَاوَلُ أَقْوَامًا بِأَعْيَانِهِمْ وَالْمَعْنَى هَاهُنَا عَلَى الْإِيهَامِ.
وَتَوَسَّطَ الزَّمَخْشَرِيُّ فَقَالَ: إِنْ كَانَتْ "أَلْ" لِلْجِنْسِ فَنَكِرَةٌ أَوْ لِلْعَهْدِ فَمَوْصُولَةٌ وَكَأَنَّهُ قَصَدَ مُنَاسَبَةَ الْجِنْسِ لِلْجِنْسِ وَالْعَهْدِ لِلْعَهْدِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْجِنْسِ وَمَنْ مَوْصُولَةٌ وَلِلْعَهْدِ وَمَنْ نَكِرَةٌ.
ثُمَّ الْمَوْصُولَةُ قَدْ تُوصَفُ بِالْمُفْرَدِ وَبِالْجُمْلَةِ وَفِي التَّنْزِيلِ: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فان} .
فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ أَيْ كُلُّ شَخْصٍ مُسْتَقِرٍّ عَلَيْهَا.
قَالُوا: وَأَصْلُهَا أَنْ تَكُونَ لِمَنْ يَعْقِلُ وَإِنِ اسْتُعْمِلَتْ فِي غَيْرِهِ فَعَلَى الْمَجَازِ.
هَذِهِ عِبَارَةُ الْقُدَمَاءِ وَعَدَلَ جَمَاعَةٌ إِلَى قَوْلِهِمْ مَنْ يَعْلَمُ لِإِطْلَاقِهَا عَلَى الْبَارِي كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ الله} .
وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُوصَفُ بِالْعِلْمِ لَا بِالْعَقْلِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ.
وَضَيَّقَ سِيبَوَيْهِ الْعِبَارَةَ فَقَالَ هِيَ لِلْأَنَاسِيِّ.
فَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهَا تَكُونُ لِلْمِلْكِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ من في السماوات} .
فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظٍ يَعُمُّ الْجَمِيعَ بِأَنْ يَقُولَ لِأُولِي الْعِلْمِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا يَقِلُّ فِيهَا فَاقْتُصِرَ عَلَى الْأَنَاسِيِّ لِلْغَلَبَةِ.
وَإِذَا أُطْلِقَتْ عَلَى مَا لَا يَعْقِلُ فَإِمَّا لِأَنَّهُ عُومِلَ مُعَامَلَةَ مَنْ يَعْقِلُ وَإِمَّا لِاخْتِلَاطِهِ بِهِ
فَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يخلق} ،وَالَّذِي لَا يَخْلُقُ الْمُرَادُ بِهِ الْأَصْنَامُ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَ الْعَرَبِ لَكِنَّهُ لَمَّا عُومِلَتْ بِالْعِبَادَةِ عبر عنها بـ "من" بِالنِّسْبَةِ إِلَى اعْتِقَادِ الْمُخَاطَبِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ المراد بـ "من" لَا يَخْلُقُ الْعُمُومَ الشَّامِلَ لِكُلِّ مَا عُبِدَ من دون