وَجَوَّزَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أَنْ يُسْأَلَ بِهَا عَنْ أَعْيَانِ مَنْ يَعْقِلُ أَيْضًا حَكَاهُ الرَّاغِبُ فَإِنْ كَانَ مَأْخَذُهُ قَوْلَهُ تَعَالَى عَنْ فِرْعَوْنَ: {وَمَا رب العالمين} . فَإِنَّمَا هُوَ سُؤَالٌ عَنِ الصِّفَةِ لِأَنَّ الرَّبَّ هُوَ الْمَالِكُ وَالْمِلْكُ صِفَةٌ وَلِهَذَا أَجَابَهُ مُوسَى بِالصِّفَاتِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا سُؤَالٌ عَنْ مَاهِيَّةِ الشَّيْءِ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَأَجَابَهُ مُوسَى تَنْبِيهًا عَلَى صَوَابِ السُّؤَالِ.
ثُمَّ فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: إِحْدَاهُمَا فِي إِعْرَابِهَا وَهُوَ بِحَسَبِ الِاسْمِ الْمُسْتَفْهَمِ عَنْهُ فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْتَفْهَمَ عَنْهَا كَانَتْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ نحو قوله تعالى: {ما لونها} . و {ما هي} {ما أصابك من حسنة فمن الله} وَإِنْ كَانَ مَا بَعْدَهَا هُوَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ كانت في موضع الخبر كقوله: {ما الرحمن} . وَقَوْلِهِ: {مَا الْقَارِعَةُ} . {مَا الْحَاقَّةُ}
الثَّانِيَةُ: فِي حَذْفِ أَلِفِهَا وَيَكْثُرُ فِي حَالَةِ الْخَفْضِ قَصَدُوا مُشَاكَلَةَ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى فَحَذَفُوا الْأَلِفَ كَمَا أَسْقَطُوا الصِّلَةَ وَلَمْ يَحْذِفُوا فِي حَالِ النَّصْبِ وَالرَّفْعِ كَيْلَا تَبْقَى الْكَلِمَةُ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ فَإِذَا اتَّصَلَ بِهَا حَرْفُ الْجَرِّ أَوْ مُضَافٌ اعْتَمَدَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْخَافِضَ وَالْمَخْفُوضَ بِمَنْزِلَةِ الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ كقوله تعالى: {فيم أنت من ذكراها} {لم تحرم ما أحل الله لك} {فبم تبشرون} {عم يتساءلون}
وأما قوله: {يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي} ،فَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ مَعْنَاهُ بِأَيِّ شَيْءٍ غَفَرَ لِي فَجَعَلُوا مَا اسْتِفْهَامًا وَقَالَ الْكِسَائِيُّ مَعْنَاهُ بِمَغْفِرَةِ رَبِّي فَجَعَلَهَا مَصْدَرِيَّةً
قَالَ الْهَرَوِيُّ: إِثْبَاتُ الْأَلِفِ فِي مَا بِمَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ مَعَ اتِّصَالِهَا بِحَرْفِ الْجَرِّ لُغَةً وَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لهم} فَقِيلَ إِنَّهَا لِلِاسْتِفْهَامِ أَيْ بِأَيِّ شَيْءٍ