لَعَلَّ
تَجِيءُ لَمَعَانٍ
الْأَوَّلُ: لِلتَّرَجِّي فِي الْمَحْبُوبِ نَحْوُ لَعَلَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لَنَا وَلِلْإِشْفَاقِ فِي الْمَكْرُوهِ نَحْوُ لَعَلَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِلْعَاصِي ثُمَّ وَرَدَتْ فِي كَلَامِ مَنْ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْوَصْفَانِ لِأَنَّ التَّرَجِّيَ لِلْجَهْلِ بِالْعَاقِبَةِ وَهُوَ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ وَكَذَلِكَ الْخَوْفُ وَالْإِشْفَاقُ.
فَمِنْهُمْ مَنْ صَرَفَهَا إِلَى الْمُخَاطَبِينَ قَالَ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لعله يتذكر أو يخشى.
مَعْنَاهُ كُونَا عَلَى رَجَائِكُمَا فِي ذِكْرِهِمَا يَعْنِي أَنَّهُ كَلَامٌ مَنْظُورٌ فِيهِ إِلَى جَانِبِ مُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا جَازِمَيْنِ بِعَدَمِ إِيمَانِ فِرْعَوْنَ.
وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهُمَا فِي الْخَوْفِ ففي قوله تعالى: {لعل الساعة قريب} .
فَإِنَّ السَّاعَةَ مَخُوفَةٌ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ بِدَلِيلِ قوله: {والذين آمنوا مشفقون منها}
وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى الزَّمَخْشَرِيِّ حَيْثُ أَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ
فَإِنْ قُلْتَ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَعَلَّ مِنَ اللَّهِ وَاجِبَةٌ؟ هَلْ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ الْمَحْبُوبِ أَوْ مُطْلَقًا وَإِذَا كَانَتْ فِي الْمَحْبُوبِ فَهَلْ ذَلِكَ إِخْرَاجٌ لَهَا عَنْ وَضْعِ التَّرَجِّي إِلَى وَضْعِ الْخَبَرِ فَيَكُونُ مَجَازًا أَمْ لَا؟
قُلْتُ: لَيْسَ إِخْرَاجًا لَهَا عَنْ وَضْعِهَا وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْهَا مِنَ الْكَرِيمِ لِلْمُخَاطَبِينَ فِي ذَلِكَ الْمَحْبُوبِ تَعْرِيضٌ بِالْوَعْدِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْكَرِيمَ لَا يَعْرِضُ بِأَنْ يَفْعَلَ إِلَّا بَعْدَ التَّصْمِيمِ عَلَيْهِ فَجَرَى الْخِطَابُ الْإِلَهِيُّ مَجْرَى خِطَابِ عُظَمَاءِ الملوك من الخلق وقوله: {يا أيها الناس اعبدوا