وَقَوْلُهُ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يردونكم}

{وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وأمتعتكم}

{ود المجرم لو يفتدي} . أَيِ الِافْتِدَاءَ.

وَلَمْ يَذْكُرِ الْجُمْهُورُ مَصْدَرِيَّةَ لَوْ وَتَأَوَّلُوا الْآيَاتِ الشَّرِيفَةَ عَلَى حَذْفِ مَفْعُولِ يَوَدُّ وَحَذْفِ جَوَابِ لَوْ أَيْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ طُولَ الْعُمْرِ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ لِيُسَرَّ بِذَلِكَ.

وَأُشْكِلَ قَوْلُ الْأَوَّلِينَ بِدُخُولِهَا عَلَى أَنَّ الْمَصْدَرِيَّةِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بينها وبينه} .

وَالْحَرْفُ الْمَصْدَرِيُّ لَا يَدْخُلُ عَلَى مِثْلِهِ!

وَأُجِيبَ: بِأَنَّهَا إِنَّمَا دَخَلَتْ عَلَى فِعْلٍ مَحْذُوفٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ يَوَدُّ لَوْ ثَبَتَ أَنَّ بَيْنَهَا فَانْتَفَتْ مُبَاشَرَةُ الْحَرْفِ الْمَصْدَرِيِّ لِمِثْلِهِ!

وَأَوْرَدَ ابْنُ مَالِكٍ السؤال في: {فلو أن لنا كرة} وَأَجَابَ بِهَذَا وَبِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ تَوْكِيدِ اللفظ بمرادفه نحو

{فجاجا سبلا}

وَفِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ نَظَرٌ أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ دُخُولُ لَوْ عَلَى ثَبَتَ مُقَدَّرًا إِنَّمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُبَرِّدِ وَهُوَ لَا يَرَاهُ فَكَيْفَ يُقَرِّرُهُ فِي الْجَوَابِ!

وَأَمَّا الثَّانِي، فَلَيْسَتْ هُنَا مَصْدَرِيَّةً بَلْ لِلتَّمَنِّي كَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ سَلِمَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ ذَلِكَ وَصْلُ لَوْ بِجُمْلَةٍ اسْمِيَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ بِـ "أَنَّ" وَقَدْ نَصَّ ابْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ صِلَتَهَا لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ فِعْلِيَّةً بِمَاضٍ أَوْ مُضَارِعٍ

قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَأَكْثَرُ وُقُوعِ هَذِهِ بَعْدَ وَدَّ أَوْ يَوَدُّ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِنْ مُفْهِمٍ تَمَنٍّ وَبِهَذَا يُعْلَمُ غَلَطُ مَنْ عَدَّهَا حَرْفَ تَمَنٍّ لو صَحَّ ذَلِكَ لَمْ يُجْمَعْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ فِعْلِ تَمَنٍّ كَمَا لَا يُجْمَعُ بَيْنَ لَيْتَ وَفِعْلِ تمن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015