مَعَ أَنَّ الْأَيَّامَ الْحَقِيقِيَّةَ لَا تُوجَدُ إِلَّا بوجود السموات وَالْأَرْضِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَإِنَّمَا الْإِشَارَةُ إِلَى أَيَّامٍ تَقْدِيرِيَّةٍ

وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ كَانَ لَمَّا دَلَّتْ عَلَى اقْتِرَانِ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ بِالزَّمَانِ لَمْ يَكُنْ بَعْضُ أَفْرَادِ الْأَزْمِنَةِ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ بَعْضٍ فَإِمَّا أَلَّا يَتَعَلَّقَ مَضْمُونُهَا بِزَمَانٍ فَيُعَطَّلَ أَوْ يُعَلَّقَ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ وَهُوَ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ أَوْ يَتَعَلَّقَ بِكُلِّ زَمَانٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ

وَحَيْثُ وَقَعَ الْإِخْبَارُ بِهَا عَنْ صِفَةٍ فِعْلِيَّةٍ فَالْمُرَادُ تَارَةً الْإِخْبَارُ عَنْ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا فِي الْأَزَلِ نَحْوَ كَانَ اللَّهُ خَالِقًا وَرَازِقًا وَمُحْيِيًا وَمُمِيتًا وَتَارَةً تَحْقِيقُ نِسْبَتِهَا إِلَيْهِ نَحْوَ: {وَكُنَّا فاعلين} وَتَارَةً ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ وَإِنْشَاؤُهُ نَحْوَ {وَكُنَّا نَحْنُ الوارثين} فَإِنَّ الْإِرْثَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ مَالِكُ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ

وَحَيْثُ أَخْبَرَ بِهَا عَنْ صِفَاتِ الْآدَمِيِّينَ فَالْمُرَادُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهَا فِيهِمْ غَرِيزَةٌ وَطَبِيعَةٌ مَرْكُوزَةٌ فِي نَفْسِهِ نَحْوُ {وكان الأنسان عجولا} {إنه كان ظلوما جهولا}

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ منوعا} أي خلق على هذه الصفة وهي مُقَدَّرَةٌ أَوْ بِالْقُوَّةِ ثُمَّ تَخَرَّجَ إِلَى الْفِعْلِ

وَحَيْثُ أَخْبَرَ بِهَا عَنْ أَفْعَالِهِمْ دَلَّتْ عَلَى اقْتِرَانِ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ بِالزَّمَانِ نَحْوَ {إِنَّهُمْ كَانُوا يسارعون في الخيرات}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015