وَجَاءَتِ الِاسْمِيَّةُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ {وَمَا هم بمؤمنين} لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ نَفْيِ الْفِعْلِ إِذْ يَقْتَضِي إِخْرَاجَ أَنْفُسِهِمْ وَذَوَاتِهِمْ عَنْ أَنْ يَكُونُوا طَائِفَةً مِنْ طَوَائِفِ الْمُؤْمِنِينَ وَيَنْطَوِي تَحْتَهُ عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ نَفْيٌ بِمَا أَثْبَتُوا لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الدَّعْوَى الْكَاذِبَةِ عَلَى طَرِيقَةِ {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النار وما هم بخارجين منها} مُبَالَغَةً فِي تَكْذِيبِهِمْ وَلِذَلِكَ أُجِيبُوا بِالْبَاءِ وَكَلَامُهُمْ فِي هَذَا كَمَا قِيلَ خَلِيٌّ مِنَ الْمَعْنَى وَلَكِنْ مُفَرْقَعُ

وَإِذَا قِيلَ: أَنَا مُؤْمِنٌ أَبْلَغُ مَنْ آمَنَ وَنَفْيُ الْأَبْلَغِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ مَا دُونَهُ وَمَا حَقِيقَةُ إِخْرَاجِ ذَوَاتِهِمْ مِنْ جِنْسِ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَرْجِعْ فِي الْبَيَانِ إِلَّا عَلَى عَيٍّ أَوْ تَرْوِيجٍ وَلَكِنْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى طَائِفَةً تَقُولُ آمَنَّا وَهِيَ حَالَةَ الْقَوْلِ لَيْسَتْ بِمُؤْمِنَةٍ بَيَانًا لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إِنَّمَا صَدَرَ عَنْهَا ادِّعَاءً بِحُضُورِ الْإِيمَانِ حَالَةَ الْقَوْلِ وَالِانْتِظَامِ بِذَلِكَ فِي سِلْكِ الْمُتَّصِفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَهُمْ لَيْسُوا كَذَلِكَ فَإِذَا ذَمَّهُمُ اللَّهُ شَمِلَ الذَّمُّ أَنْ يَكُونُوا آمَنُوا يَوْمًا ثُمَّ تَخَلَّوْا وَأَنْ يَكُونُوا مَا آمَنُوا قَطُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى وَالتَّعْمِيمِ فَقَطْ وَأَعْلَمُ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ مَنِ ادَّعَى هَذَا الدَّعْوَى عَلَى هَذِهِ الْحَالِ وَبَيْنَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إِنَّمَا قَصَدُوا بِهِ التَّمْوِيهَ بِقَوْلِهِ {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا} وَلَوْ قَالَ وَمَا آمَنُوا لَمْ يَفِدْ إِلَّا نَفْيَهُ عَنْهُمْ فِي الْمَاضِي وَلَمْ يَفِدْ ذَمَّهُمْ إِنْ كَانُوا آمَنُوا ثُمَّ ارْتَدُّوا وَهَذَا أَفَادَ نَفْيَهُ فِي الْحَالِ وَذَمَّهُمْ بِكُلِّ حَالٍ وَلِأَنَّ مَا فِيهِ مُؤْمِنِينَ أَحْسَنُ مِنْ آمَنُوا لِوُجُودِ التَّمْكِينِ بِالْمَدِّ وَالْوَقْفَ عَقِبَهُ عَلَى حَرْفٍ لَهُ مَوْقِفٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَا هُمْ مِنْهَا بمخرجين} دُونَ يَخْرُجُونَ فَقِيلَ مَا سَبَقَ وَقِيلَ اسْتَوَى هُنَا يَخْرُجُونَ وَخَارِجِينَ فِي إِفَادَةِ الْمَعْنَى وَاخْتِيرَ الِاسْمُ لِخِفَّتِهِ وَأَصَالَتِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015