لأن مقابلة الجمع تَقْتَضِي انْقِسَامَ الْآحَادِ عَلَى الْآحَادِ وَلِكُلِّ يَدٍ مِرْفَقٌ فَصَحَّتِ الْمُقَابَلَةُ وَلَوْ قِيلَ إِلَى الْكِعَابِ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ فَإِنَّ لِكُلِّ رِجْلٍ كَعْبًا وَاحِدًا فَذَكَرَ الْكَعْبَيْنِ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ لِيَتَنَاوَلَ الْكَعْبَيْنِ مِنْ كُلِّ رِجْلٍ
فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ أَلَّا يَجِبَ إِلَّا غَسْلُ يَدٍ وَاحِدَةٍ وَرِجْلٍ وَاحِدَةٍ؟
قُلْنَا: صَدَّنَا عَنْهُ فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِجْمَاعُ وَتَارَةً يَقْتَضِي مُقَابَلَةَ ثُبُوتِ الْجَمْعِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جلدة}
وَجَعَلَ مِنْهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي من تحتها الأنهار}
وَتَارَةً يَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ فَيَفْتَقِرُ ذَلِكَ إِلَى دَلِيلٍ يُعَيِّنُ أَحَدَهُمَا
أَمَّا مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْمُفْرَدِ فَالْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي تَعْمِيمَ الْمُفْرَدِ وَقَدْ يَقْتَضِيهِ بِحَسَبِ عُمُومِ الْجَمْعِ الْمُقَابِلِ لَهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مسكين}
الْمَعْنَى كُلُّ وَاحِدٍ لِكُلِّ يَوْمٍ طَعَامُ مِسْكِينٍ وَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} إِنَّمَا هُوَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ذَلِكَ