وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا برهان له به} إِنَّهَا وَصْفٌ لِهَذَا الدُّعَاءِ وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ غَيْرِ بُرْهَانٍ.

وَقَوْلُهُ: {وَلَا تَكُونُوا أول كافر به} ، تَغْلِيظٌ وَتَأْكِيدٌ فِي تَحْذِيرِهِمُ الْكُفْرَ.

وَقَوْلُهُ: {وَلَا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا} ، لِأَنَّ كُلَّ ثَمَنٍ لَهَا لَا يَكُونُ إِلَّا قَلِيلًا فَصَارَ نَفْيُ الثَّمَنِ الْقَلِيلِ نَفْيًا لِكُلِّ ثَمَنٍ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} فَإِنَّ ظَاهِرَهُ نَفْيُ الْإِلْحَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْحَقِيقَةُ نَفْيُ الْمَسْأَلَةِ الْبَتَّةَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ بِدَلِيلِ قوله: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف} ، وَمَنْ لَا يَسْأَلُ لَا يُلْحِفُ قَطْعًا ضَرُورَةَ أَنَّ نَفْيَ الْأَعَمِّ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْأَخَصِّ.

وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يطاع} ، لَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ الشَّفِيعِ بِقَيْدِ الطَّاعَةِ بَلْ نَفْيُهُ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ بِذَلِكَ لِوُجُوهٍ:.

أَحَدُهَا: أَنَّهُ تَنْكِيلٌ بِالْكُفَّارِ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَشْفَعُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَإِذَا شَفَعَ يُشَفَّعُ لَكِنَّ الشَّفَاعَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ فَكَانَ نَفْيُ الشَّفِيعِ الْمُطَاعِ تَنْبِيهًا عَلَى حُصُولِهِ لِأَضْدَادِهِمْ كَقَوْلِكَ لِمَنْ يُنَاظِرُ شَخْصًا ذَا صَدِيقٍ نَافِعٍ لَقَدْ حَدَّثْتَ صَدِيقًا نَافِعًا وَإِنَّمَا تُرِيدُ التَّنْوِيهَ بِمَا حَصَلَ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ لَهُ صَدِيقًا وَلَمْ يَنْفَعْ.

الثَّانِي: أَنَّ الْوَصْفَ اللَّازِمَ لِلْمَوْصُوفِ لَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يَكُونَ لِلتَّقْيِيدِ بَلْ يَدُلُّ لِأَغْرَاضٍ مِنْ تَحْسِينِهِ أَوْ تَقْبِيحِهِ نَحْوِ لَهُ مَالٌ يَتَمَتَّعُ بِهِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وما آتيناهم من كتب يدرسونها} {ولهم عذاب أليم} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015