وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: لَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِ [مَا انفك] و [مازال] إِنَّمَا هُوَ مِنِ انْفِكَاكِ الشَّيْءِ إِذَا انْفَصَلَ عَنْهُ.

وَقَوْلِهِ: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم} ، الْمَعْنَى: فَلِمَ عَذَّبَ آبَاءَكُمْ بِالْمَسْخِ وَالْقَتْلِ؟ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُؤْمَرْ بِأَنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ لِأَنَّ الْجَاحِدَ يَقُولُ: إِنِّي لَا أُعَذَّبُ لَكِنِ احْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا قَدْ كَانَ.

وَقَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فتصبح الأرض مخضرة} .

فعدل عن لفظ [أصبحت] إلى [تصبح] قصد لِلْمُبَالَغَةِ فِي تَحْقِيقِ اخْضِرَارِ الْأَرْضِ لِأَهَمِّيَّتِهِ إِذْ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْإِنْزَالِ.

فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ قَالَ النُّحَاةُ: إِنَّهُ يَجِبُ نَصْبُ الْفِعْلِ الْمَقْرُونِ بِالْفَاءِ إذا وقع في جواب الاستفهام، كَقَوْلِهِ: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} وَ [فَتُصْبِحُ] هُنَا مَرْفُوعٌ؟.

قُلْتُ: لِوُجُوهٍ:.

أَحَدُهَا: أَنَّ شَرْطَ الْفَاءِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلنَّصْبِ أَنْ تَكُونَ سببية وهنا ليست كذلك بل هي لإستئناف لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ لَيْسَتْ سَبَبًا لِلْإِصْبَاحِ.

الثَّانِي: أَنَّ شَرْطَ النَّصْبِ أَنْ يَنْسَبِكَ مِنَ الْفَاءِ وَمَا قَبْلَهَا شَرْطٌ وَجَزَاءٌ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ: إِنْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مَاءً تُصْبِحْ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ إِصْبَاحَ الْأَرْضِ حَاصِلٌ سَوَاءٌ رُئِيَ أَمْ لَا.

فَإِنْ قِيلَ: شَاعَ فِي كَلَامِهِمْ إِلْغَاءُ فِعْلِ الرُّؤْيَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: [وَلَا تَزَالُ- تَرَاهَا- ظَالِمَةً] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015