وضع النداء موضع التعجب
كقوله تعالى: {يا حسرة على العباد} قال الفراء: معناه: فيالها مِنْ حَسْرَةٍ وَالْحَسْرَةُ فِي اللُّغَةِ أَشَدُّ النَّدَمِ لِأَنَّ الْقَلْبَ يَبْقَى حَسِيرًا.
وَحَكَى أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ خَالَوَيْهِ فِي كِتَابِ:" الْمُبْتَدَأِ " عَنِ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّ هَذِهِ مِنْ أَصْعَبِ مَسْأَلَةٍ فِي الْقُرْآنِ لِأَنَّ الْحَسْرَةَ لَا تُنَادَى وَإِنَّمَا تُنَادَى الْأَشْخَاصُ لِأَنَّ فَائِدَتَهُ التَّنْبِيهُ وَلَكِنَّ الْمَعْنَى عَلَى التَّعَجُّبِ كقوله: يا عجبا لم فعلت! {يا حسرتى على ما فرطت} وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ قَوْلِكَ: الْعَجَبُ. قِيلَ: فَكَأَنَّ التَّقْدِيرَ يَا عَجَبًا احْضُرْ يَا حَسْرَةً احْضُرِي!.
وقرأ الحسن {يا حسرة العباد} .
ومنهم قَالَ: الْأَصْلُ [يَا حَسْرَتَاهُ] ثُمَّ أَسْقَطُوا الْهَاءَ تَخْفِيفًا وَلِهَذَا قَرَأَ عَاصِمٌ {يَا أَسَفَاهُ عَلَى يُوسُفَ} .
وَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ فِي كِتَابِ:" الْفَسْرِ ": مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْحَسْرَةُ مِمَّا يَصِحُّ نِدَاؤُهُ لَكَانَ هَذَا وَقْتَهَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {يا بشرى} ، فَقَالُوا: مَعْنَى النِّدَاءِ فِيمَا لَا يَعْقِلُ تَنْبِيهُ الْمُخَاطَبِ وَتَوْكِيدُ الْقِصَّةِ فَإِذَا قُلْتَ يَا عَجَبًا! فَكَأَنَّكَ قُلْتَ: اعْجَبُوا فَكَأَنَّهُ قَالَ: يَا قَوْمُ أَبْشِرُوا.
قَالَ أَبُو الْفَتْحِ فِي:" الْخَاطِرِيَّاتِ": وَقَدْ توضع الجملة من المبتدأ والخبر موضع.