وَأَجَابَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى الْعِدَةِ وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى مِنَ الشَّرْطِ والخبر كأنه قيل: إن زددنا لَمْ نُكَذِّبْ وَآمَنَّا وَالشَّرْطُ خَبَرٌ فَصَحَّ وُرُودُ التَّكْذِيبِ عَلَيْهِ.

وَقَوْلُهُ: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} أَيْ وَنَحْنُ حَامِلُونَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} وَالْكَذِبُ إِنَّمَا يَرِدُ عَلَى الْخَبَرِ.

وَقَوْلُهُ: {أَسْمِعْ بهم وأبصر} تَقْدِيرُهُ: مَا أَسْمَعَهُمْ وَأَبْصَرَهُمْ! لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَتَعَجَّبْ مِنْهُمْ وَلَكِنَّهُ دَلَّ الْمُكَلَّفِينَ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ نَزَلُوا مَنْزِلَةَ مَنْ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ.

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ لَيْسَ أَمْرًا حَقِيقِيًّا ظُهُورُ الْفَاعِلِ الَّذِي هُوَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي الْأَوَّلِ وَفِعْلُ الْأَمْرِ لَا يُبْرَزُ فَاعِلُهُ أَبَدًا.

وَوَجْهُ التَّجَوُّزِ فِي هَذَا الْأُسْلُوبِ أَنَّ الْأَمْرَ شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ مَا فِيهِ دَاعِيَةً لِلْأَمْرِ وَلَيْسَ الْخَبَرُ كَذَلِكَ فَإِذَا عُبِّرَ عَنِ الْخَبَرِ بِلَفْظِ الْأَمْرِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِالدَّاعِيَةِ فَيَكُونُ ثُبُوتُهُ وَصِدْقُهُ أَقْرَبَ. هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِكَلَامِ الْعَرَبِ لَا لِكَلَامِ اللَّهِ إِذْ يَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِ سُبْحَانَهُ الدَّاعِيَةُ لِلْفِعْلِ.

بَقِيَ الْكَلَامُ فِي أَيِّهِمَا أَبْلَغُ؟ هَذَا الْقِسْمُ أَوِ الَّذِي قَبْلَهُ؟.

قَالَ الْكَوَاشِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مدا} الْأَمْرُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ لِتَضَمُّنِهِ اللُّزُومَ نَحْوُ إِنْ زُرْتِنَا فَلْنُكْرِمْكَ يُرِيدُونَ تَأْكِيدَ إِيجَابِ الْإِكْرَامِ عَلَيْهِمْ.

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَعْبُدُونَ إلا الله} وُرُودُ الْخَبَرِ وَالْمُرَادُ الْأَمْرِ أَوِ النَّهْيِ أَبْلَغُ مِنْ صَرِيحِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ كَأَنَّهُ سُورِعَ فِيهِ إِلَى الِامْتِثَالِ وَالْخَبَرِ عَنْهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015