وَلَمْ أَجِدْ مُرَاعَاةَ الْمَلْفُوظِ بِهِ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} عَلَى قَوْلِ ابْنِ الضَّائِعِ أَنَّهُ ضُمِّنَ [يُقَالُ] مَعْنَى [يُنَادَى] وَ [إِبْرَاهِيمُ] نَائِبٌ عَنِ الْفَاعِلِ وَأَوْرَدَ عَلَى نَفْسِهِ كَيْفَ عُدِّيَ بِاللَّامِ وَالنِّدَاءُ لَا يُتَعَدَّى بِهِ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ رُوعِيَ الْمَلْفُوظُ بِهِ وَهُوَ الْقَوْلُ لِأَنَّهُ يُقَالُ: قُلْتُ لَهُ.
الثَّانِي: قَوْلُهُ: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ} ، فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: كَيْفَ يَتَعَلَّقُ التَّكْلِيفُ بِالْمُرْضِعِ؟ فَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ضُمِّنَ [حَرَّمَ] الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ وَهُوَ الْمَنْعُ. فَاعْتُرِضَ كَيْفَ عُدِّيَ بِـ[عَلَى] وَالْمَنْعُ لَا يُتَعَدَّى بِهِ فَأُجِيبَ بِأَنَّهُ رُوعِيَ صُورَةُ اللَّفْظِ.
الثَّانِي: أَنَّ التَّضْمِينَ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ مَا سَبَقَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي كِتَابِ:" إِعْجَازِ الْقُرْآنِ" هُوَ حُصُولُ مَعْنًى فِيهِ من غير ذكره لَهُ بِاسْمٍ [أَوْ صِفَةٍ] هِيَ عِبَارَةٌ عَنْهُ ثُمَّ قَسَّمَهُ إِلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا يُفْهَمُ مِنَ الْبِنْيَةِ كَقَوْلِكَ مَعْلُومٌ فَإِنَّهُ يُوجِبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَالِمٍ.
وَالثَّانِي مِنْ مَعْنَى العبارة [من حيث لا يصح إلا به] كَالصِّفَةِ فَضَارِبٌ يَدُلُّ عَلَى مَضْرُوبٍ.
قَالَ: وَالتَّضْمِينُ كُلُّهُ إِيجَازٌ، قَالَ: وَذُكِرَ أَنَّ {بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرحيم} مِنْ بَابِ التَّضْمِينِ لِأَنَّهُ تَضَمَّنَ تَعْلِيمَ الِاسْتِفْتَاحِ فِي الْأُمُورِ بِاسْمِهِ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ لِلَّهِ تَعَالَى أَوِ التَّبَرُّكِ بِاسْمِهِ.
وَذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ في كتاب:" المعاني المتبدعة " أن التضمين واقع في القرآن خلافا لماأجمع عَلَيْهِ أَهْلُ الْبَيَانِ وَجَعَلَ مِنْهُ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي الصَّافَّاتِ: {لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الأولين لكنا عباد الله المخلصين} .
وَيُطْلَقُ التَّضْمِينُ أَيْضًا عَلَى إِدْرَاجِ كَلَامِ الْغَيْرِ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ لِتَأْكِيدِ الْمَعْنَى،.