وقوله: {وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا} ، قَالَ التَّنُوخِيُّ فِي" الْأَقْصَى الْقَرِيبِ ": الْوَاوُ لِلْحَالِ.
وَقَوْلِهِ: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وإليه ترجعون} .
الْبَحْثُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ يَقْرُبُ مِنَ الِالْتِفَاتِ نَقْلُ الْكَلَامِ إِلَى غَيْرِهِ.
وَإِنَّمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا ابْتُلِيَ الْعَاقِلُ بِخَصْمٍ جَاهِلٍ مُتَعَصِّبٍ فَيَجِبُ أَنْ يَقْطَعَ الْكَلَامَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُ كُلَّمَا كَانَ خَوْضُهُ مَعَهُ أَكْثَرَ كَانَ بُعْدُهُ عَنِ الْقَبُولِ أَشَدَّ فَالْوَجْهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُقْطَعَ الْكَلَامُ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَأَنْ يُؤْخَذَ فِي كَلَامٍ آخَرَ أَجْنَبِيٍّ وَيُطْنَبَ فِيهِ بِحَيْثُ يَنْسَى الْأَوَّلُ فَإِذَا اشْتَغَلَ خَاطِرُهُ بِهِ أَدْرَجَ لَهُ أَثْنَاءَ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ مُقَدَّمَةً تُنَاسِبُ ذَلِكَ الْمَطْلَبَ الْأَوَّلَ لِيَتَمَكَّنَ مِنِ انْقِيَادِهِ.
وَهَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَبُو الْفَضْلِ فِي كِتَابِ" دُرَّةِ التَّنْزِيلِ"، وَجَعَلَ مِنْهُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {اصْبِرْ عَلَى مَا يقولون واذكر عبدنا داود} ، قَالَ: إِنَّ قَوْلَهُ: [وَاذْكُرْ] لَيْسَ مُتَّصِلًا بِمَا قَبْلَهُ بَلْ نَقْلًا لَهُمْ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ وَالْمُقَدَّمَةُ الْمُدْرَجَةُ قَوْلُهُ: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وما بينهما باطلا} إِلَى قَوْلِهِ: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياته وليتذكر أولو الألباب} .
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يُخْرِجُ الْآيَةَ عَنِ الِاتِّصَالِ مَعَ أَنَّ فِي الِاتِّصَالِ وُجُوهًا مَذْكُورَةً فِي موضعها.