وَأَنَّهُ فِي كَلَامِهِ لَيْسَ مِمَّنْ يَتَلَوَّنُ وَيَتَوَجَّهُ فَيَكُونُ فِي الْمُضْمَرِ وَنَحْوِهِ ذَا لَوْنَيْنِ وَأَرَادَ بِالِانْتِقَالِ إِلَى الْغَيْبَةِ الْإِبْقَاءَ عَلَى الْمُخَاطَبِ مِنْ قَرْعِهِ فِي الْوَجْهِ بِسِهَامِ الْهَجْرِ فَالْغِيبَةُ أَرْوَحُ لَهُ وَأَبْقَى عَلَى مَاءِ وَجْهِهِ أَنْ يَفُوتَ كقوله: {إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك} حَيْثُ لَمْ يَقُلْ: [لَنَا] تَحْرِيضًا عَلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ لِحَقِّ الرُّبُوبِيَّةِ.

وَقَوْلِهِ: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العليم} .

وقوله: {يا أيها النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} إِلَى قوله: {فآمنوا بالله ورسوله} ولم يقل: [بي] .و.

له فَائِدَتَانِ:.

إِحْدَاهُمَا: دَفْعُ التُّهْمَةِ عَنْ نَفْسِهِ بِالْعَصَبِيَّةِ لَهَا، وَالثَّانِي: تَنْبِيهُهُمْ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ الِاتِّبَاعَ بِمَا اتَّصَفَ بِهِ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْأُمِّيَّةِ الَّتِي هِيَ أَكْبَرُ دَلِيلٍ عَلَى صِدْقِهِ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الِاتِّبَاعَ لِذَاتِهِ بَلْ لِهَذِهِ الْخَصَائِصِ.

الثَّالِثُ: مِنَ الْخِطَابِ إِلَى التَّكَلُّمِ.

كَقَوْلِهِ: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا} ، وَهَذَا إِنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالِالْتِفَاتِ وَاحِدًا فَأَمَّا مَنِ اشْتَرَطَهُ فَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُمَثِّلَ بِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُمَثِّلَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ} عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ نَزَّلَ نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ الْمُخَاطَبِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015