وَقَالَ السَّكَّاكِيُّ: إِمَّا ذَلِكَ وَإِمَّا التَّعْبِيرُ بِأَحَدِهِمَا فِيمَا حَقُّهُ التَّعْبِيرُ بِغَيْرِهِ.
الْبَحْثُ الثَّانِي فِي أَقْسَامِهِ.
وَهِيَ كَثِيرَةٌ:.
الْأَوَّلُ: الِالْتِفَاتُ مِنَ التَّكَلُّمِ إِلَى الْخِطَابِ.
وَوَجْهُهُ حَثُّ السَّامِعِ وَبَعْثُهُ عَلَى الِاسْتِمَاعِ حَيْثُ أَقْبَلَ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ أَعْطَاهُ فضل عنايةوتخصيص بِالْمُوَاجَهَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وإليه ترجعون} ، الْأَصْلُ: "وَإِلَيْهِ أَرْجِعُ" فَالْتَفَتَ مِنَ التَّكَلُّمِ إِلَى الْخِطَابِ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْكَلَامَ فِي مَعْرِضِ مُنَاصَحَتِهِ لِنَفْسِهِ وَهُوَ يُرِيدُ نُصْحَ قَوْمِهِ تَلَطُّفًا وإعلاما أنه يُرِيدُهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ لِكَوْنِهِ فِي مَقَامِ تَخْوِيفِهِمْ وَدَعْوَتِهِمْ إِلَى اللَّهِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْمَهُ لَمَّا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ عِبَادَتَهُ لِلَّهِ أَخْرَجَ الْكَلَامَ مَعَهُمْ بِحَسْبِ حَالِهِمْ فَاحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ يَقْبُحُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَعْبُدُ فَاطِرَهُ وَمُبْدِعَهُ ثم حذرهم بقوله: {وإليه ترجعون} .
لِذَا جَعَلُوهُ مِنَ الِالْتِفَاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْهُ إِذَا كَانَ الْقَصْدُ الْإِخْبَارَ عَنْ نَفْسِهِ فِي كِلْتَا الْجُمْلَتَيْنِ وَهَاهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: {وَإِلَيْهِ ترجعون} الخاطبين وَلَمْ يُرِدْ نَفْسَهُ وَيُؤَيِّدْهُ ضَمِيرُ الْجَمْعِ وَلَوْ أراد نفسه لقال: [نرجع] .