الثاني: قلب المعطوف.
إما بأن تجعل الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ مَعْطُوفًا وَالْمَعْطُوفُ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ماذا يرجعون} ، حَقِيقَتُهُ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ لأنه نَظَرَهُ مَا يَرْجِعُونَ مِنَ الْقَوْلِ غَيْرُ مُتَأَتٍّ مَعَ تَوَلِّيهِ عَنْهُمْ. وَمَا يُفَسَّرُ بِهِ التَّوَلِّي مِنْ أَنَّهُ يَتَوَارَى فِي الْكُوَّةِ الَّتِي أَلْقَى مِنْهَا الْكِتَابَ مَجَازٌ وَالْحَقِيقَةُ رَاجِحَةٌ عَلَيْهِ.
وَقَوْلِهِ: {ثم دنا فتدلى} أَيْ تَدَلَّى فَدَنَا لِأَنَّهُ بِالتَّدَلِّي نَالَ الدُّنُوَّ وَالْقُرْبَ إِلَى الْمَنْزِلَةِ الرَّفِيعَةِ وَإِلَى الْمَكَانَةِ لَا إِلَى الْمَكَانِ.
وَقِيلَ: لَا قَلْبَ، وَالْمَعْنَى: ثُمَّ أَرَادَ الدُّنُوَّ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: " {فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فاستعذ} الْمَعْنَى فَإِذَا اسْتَعَذْتَ فَأَقْرَأْ ".
وَقَوْلِهِ: {وَكَمْ مِنْ قرية أهلكناها فجاءها بأسنا} ، وَقَالَ صَاحِبُ الْإِيضَاحِ: لَا قَلْبَ فِيهِ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهِ اعْتِبَارًا لَطِيفًا.
وَرُدَّ بِتَضَمُّنِهِ الْمُبَالَغَةَ فِي شِدَّةِ سَوْرَةِ الْبَأْسِ يَعْنِي هَلَكَتْ بِمُجَرَّدِ تَوَجُّهِ الناس إِلَيْهَا ثُمَّ جَاءَهَا.
الثَّالِثُ: الْعَكْسُ.
الْعَكْسُ، وَهُوَ أمر لفظي كقوله: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا من حسابك عليهم من شيء} .