أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَظْهَرَ جَعْلُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَعْنِي قوله: {ولم يجعل له عوجا قيما} مِنْ جُمْلَةِ صِلَةِ "الَّذِي" وَتَمَامِهَا وَعَلَى هَذَا لَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا فِي حَيِّزِ الصِّلَةِ لِأَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَيْهَا. وَالثَّانِي: أَنَّهَا اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْحَالِ وَعَامِلِهَا وَيَجُوزُ فِي الْجُمْلَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعَهَا النَّصْبُ عَلَى أَنَّهَا حَالٌ مِنَ الْكِتَابَ وَالْعَامِلُ فِيهَا " أَنْزَلَ ".
قَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: [قَيِّمًا] فَيَجُوزُ فِي نَصْبِهِ وُجُوهٌ:.
أَحَدُهَا:- وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ - أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنَ [الْكِتَابَ] وَالْعَامِلُ فِيهِ [أَنْزَلَ] وَفِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَتَقْدِيرُهُ: [الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ قَيِّمًا وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا] فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ عَلَى هَذَا اعْتِرَاضًا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ وَتَقْدِيرُهُ: وَلَكِنْ جَعَلَهُ قَيِّمًا فَيَكُونُ مَفْعُولًا لِلْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: {وَلَمْ يجعل له عوجا} وَتَكُونُ حَالًا مُؤَكِّدَةً.
وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ أَنْ يَكُونَ [قَيِّمًا] مَفْعُولًا لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الَّتِي قَبْلَهَا عِنْدَهُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الصِّلَةِ وَ [قَيِّمًا] مِنْ تَمَامِ الصِّلَةِ وَإِذَا كَانَ حَالًا يَكُونُ فِيهِ فَصْلٌ بَيْنَ بَعْضِ الصِّلَةِ وَتَمَامِهَا فَكَانَ الْأَحْسَنُ جَعْلَهُ مَعْمُولًا لِمُقَدَّرٍ.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ الْمُنَيِّرِ فِي تَفْسِيرِ البحر بعد نقله كلام الزمخشري: وعجيب من كَوْنُهُ لَمْ يَجْعَلِ الْفَاصِلَ الْمَذْكُورَ حَالًا أَيْضًا وَلَا فَصَلَ بَلْ هُمَا حَالَانِ مُتَوَالِيَانِ مِنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ وَالتَّقْدِيرُ أَنْزَلَ الْكِتَابَ غَيْرَ مُعْوَجٍّ.