وَإِنْ كَانَتِ الْقَاعِدَةُ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ تَأْخِيرَ مَا هُوَ الْأَبْلَغُ فَإِنَّهُ يُقَالُ عَالِمٌ نِحْرِيرٌ وَشُجَاعٌ بَاسِلٌ وَسَبَقَ لَهُ نَظَائِرُ.
وَكَقَوْلِهِ: {خُذُوهُ فغلوه ثم الجحيم صلوه} ، وَلَوْ قَالَ: صَلُّوهُ الْجَحِيمَ لَأَفَادَ الْمَعْنَى وَلَكِنْ يَفُوتُ الْجَمْعُ.
وَقِيلَ: فَائِدَتُهُ الِاخْتِصَاصُ.
وَقَوْلِهِ: {إِنْ كنتم إياه تعبدون} فَقَدَّمَ [إِيَّاهُ] عَلَى [تَعْبُدُونَ] لِمُشَاكَلَةِ رُءُوسِ الْآيِ.
تَنْبِيهٌ:.
قَدْ يَكُونُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَمْثِلَةِ سَبَبَانِ فَأَكْثَرُ لِلتَّقْدِيمِ فَإِمَّا أَنْ يُعْتَقَدَ إِعَادَةُ الْكُلِّ أَوْ يُرَجَّحَ بَعْضُهَا لِكَوْنِهِ أَهَمَّ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ. وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى أَهَمَّ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَإِذَا تَعَارَضَتِ الْأَسْبَابُ رُوعِيَ أَقْوَاهَا فَإِنْ تَسَاوَتْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ بِالْخِيَارِ فِي تَقْدِيمِ أَيِّ الْأَمْرَيْنِ شَاءَ.
النَّوْعُ الثَّانِي: مِمَّا قُدِّمَ النِّيَّةُ بِهِ التَّأْخِيرُ.
فَمِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْإِعْرَابُ كَتَقْدِيمِ الْمَفْعُولِ عَلَى الْفَاعِلِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ: {إِنَّمَا يَخْشَى الله من عباده العلماء} ، {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها} ، {وإذ ابتلى.