كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَنْ جَعَلُوا شُرَكَاءَ؟ قِيلَ: الْجِنُّ وَهَذَا يَقْتَضِي وُقُوعَ الْإِنْكَارِ عَلَى جَعْلِهِمْ "لِلَّهِ شُرَكَاءَ" عَلَى الْإِطْلَاقِ فَيَدْخُلُ مُشْرِكَةُ غَيْرِ الْجِنِّ وَلَوْ أَخَّرَ فَقِيلَ: وَجَعَلُوا الْجِنَّ شُرَكَاءَ لِلَّهِ كان الجن مفعولا أولا وشركاء ثَانِيًا فَتَكُونُ الشَّرِكَةُ مُقَيِّدَةً غَيْرَ مُطْلَقَةٍ لِأَنَّهُ جَرَى عَلَى الْجِنِّ فَيَكُونُ الْإِنْكَارُ تَوَجَّهَ لِجَعْلِ الْمُشَارَكَةِ لِلْجِنِّ خَاصَّةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَفِيهِ زِيَادَةٌ سَبَقَتْ.
الْخَامِسَ عَشَرَ: لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ مُرَتَّبٌ.
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ} قَدَّمَ الْجِبَاهَ ثُمَّ الْجُنُوبَ لِأَنَّ مَانِعَ الصَّدَقَةِ فِي الدُّنْيَا كَانَ يَصْرِفُ وَجْهَهُ أَوَّلًا عَنِ السائل ثم ينوه بِجَانِبِهِ ثُمَّ يَتَوَلَّى بِظَهْرِهِ.
السَّادِسَ عَشَرَ: التَّنَقُّلُ.
وَهُوَ أَنْوَاعٌ: إِمَّا مِنَ الْأَقْرَبِ إِلَى الْأَبْعَدِ، كقوله: {يا أيها النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فراشا والسماء بناء} قَدَّمَ ذِكْرَ الْمُخَاطَبِينَ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ وَقَدَّمَ الْأَرْضَ عَلَى السَّمَاءِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا في السماء} ، لقصد الترقي.