أي لا إلى غيره وَقَوْلِهِ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} أُخِّرَتْ صِلَةُ الشَّهَادَةِ فِي الْأَوَّلِ وَقُدِّمَتْ فِي الثَّانِي لِأَنَّ الْغَرَضَ فِي الْأَوَّلِ إِثْبَاتُ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْأُمَمِ وَفِي اخْتِصَاصِهِمْ بِكَوْنِ الرَّسُولِ شَهِيدًا عليهم.

وقوله: {وأرسلناك للناس رسولا} أَيْ لِجَمِيعِ النَّاسِ مِنَ الْعَجَمِ وَالْعَرَبِ عَلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ لِلِاسْتِغْرَاقِ.

وَإِنْ كَانَ فِي النَّفْيِ فَإِنَّ تَقْدِيمَهُ يُفِيدُ تَفْضِيلَ الْمَنْفِيَّ عَنْهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هم عنها ينزفون} ، أَيْ لَيْسَ فِي خَمْرِ الْجَنَّةِ مَا فِي خَمْرَةِ غَيْرِهَا مِنَ الْغَوْلِ وَأَمَّا تَأْخِيرُهُ فَإِنَّهَا تُفِيدُ النَّفْيَ فَقَطْ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {لَا ريب فيه} فكذلك إذا قلنا لاعيب فِي الدَّارِ كَانَ مَعْنَاهُ نَفْيَ الْعَيْبِ فِي الدَّارِ وَإِذَا قُلْنَا لَا فِي الدَّارِ عَيْبٌ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تُفَضَّلُ عَلَى غَيْرِهَا بِعَدَمِ الْعَيْبِ.

تَنْبِيهٌ:.

مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ تَقْدِيمَ الْمَعْمُولِ يُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ فَهِمَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ فِي كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ وَغَيْرِهِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ مُحَقِّقُو الْبَيَانِيِّينَ أَنَّ ذَلِكَ غَالِبٌ لَا لَازِمٌ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قبل} وقوله: {أفي الله شك} إِنْ جَعَلْنَا مَا بَعْدَ الظَّرْفِ مُبْتَدَأً.

وَقَدْ رَدَّ صَاحِبُ "الْفَلَكِ الدَّائِرِ" الْقَاعِدَةَ بِالْآيَةِ الْأُولَى وَكَذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ وَخَالَفُوا الْبَيَانِيِّينَ فِي ذَلِكَ وَأَنْتَ إِذَا عَلِمْتَ أَنَّهُمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015