لَمْ يَجِدْ مَا يَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ وَإِذَا عَطَفْتَ "قُلْتَ لَا أَجِدُ" عَلَى "أَتَوْكَ" كَانَ الْحَرَجُ غَيْرَ مَرْفُوعٍ عَنْهُمْ حَتَّى يُقَالَ: {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ} فَجَوَابُ إِذَا فِي قَوْلِهِ لَا أَجِدُ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ خَبَرٌ وَنَبَأٌ عَلَى هَؤُلَاءِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ كَانُوا سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فَفَضِيلَةُ الْبُكَاءِ مَخْصُوصَةٌ بِهِمْ وَرَفْعُ الْحَرَجِ بِشَرْطِ عَدَمِ الْجِدَةِ عَامٌّ فِيهِمْ وَفِي غَيْرِهِمْ.
وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ في قوله تعالى: {قالوا اتخذ الله ولدا} : آيَةُ الْبَقَرَةِ فِي مَصَاحِفِ الشَّامِ بِغَيْرِ وَاوٍ - يَعْنِي قِرَاءَةَ ابْنِ عَامِرٍ - لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُلَابِسَةٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ قَوْلُهُ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ} لِأَنَّ الْقَائِلِينَ:" اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا " مِنْ جُمْلَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمْ فَيُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْوَاوِ لِالْتِبَاسِ الْجُمْلَةِ بِمَا قَبْلَهَا كَمَا اسْتُغْنِيَ عَنْهَا فِي نحو قوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هم فيها خالدون} ، وَلَوْ كَانَ وَهُمْ كَانَ حَسَنًا إِلَّا أَنَّ الْتِبَاسَ إِحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ بِالْأُخْرَى وَارْتِبَاطَهَا بِهَا أَغْنَى عن الواو.
ومثله: {سيقولون ثلاثة رابعهم} وَلَمْ يَقُلْ: وَرَابِعُهُمْ كَمَا قَالَ: {وَثَامِنُهُمْ} وَلَوْ حُذِفَ الْوَاوُ مِنْهَا كَمَا حُذِفَ مِنَ الَّتِي قَبْلَهَا وَاسْتُغْنِيَ عَنِ الْوَاوِ بِالْمُلَابَسَةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا كَانَ حَسَنًا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَذْفُ الْوَاوِ لِاسْتِئْنَافِ الْجُمْلَةِ وَلَا يُعْطَفُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. انْتَهَى.
وَحَصَلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ عِنْدَ حَذْفِ الْوَاوِ يَجُوزُ أَنْ يُلَاحَظَ مَعْنَى الْعَطْفِ وَيُكْتَفَى لِلرَّبْطِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا بِالْمُلَابَسَةِ كَمَا ذَكَرَ. وَيَجُوزُ أَلَّا يُلَاحَظَ ذَلِكَ فَتَكُونَ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً.
قَالَ ابْنُ عَمْرُونٍ: وَحَذْفُ الْوَاوِ فِي الْجُمَلِ أَسْهَلُ مِنْهُ فِي الْمُفْرَدِ وَقَدْ كَثُرَ حَذْفُهَا فِي الْجُمَلِ.