أَنَّ الْمُرَادَ: بِسْمِ اللَّهِ أَقْرَأُ أَوْ أَقُومُ أَوْ أَقْعُدُ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ وَعِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْقِيَامِ أَوِ الْقُعُودِ أَيُّ فِعْلٍ كَانَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ النُّحَاةَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ بَعْضُ جُمْلَةٍ وَاخْتَلَفُوا.
فَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ: الْجُمْلَةُ اسْمِيَّةٌ أَيِ ابْتِدَائِي بِسْمِ اللَّهِ.
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: الْجُمْلَةُ فِعْلِيَّةٌ وَتَابَعَهُمُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَقْدِيرِ الْجُمْلَةِ فِعْلِيَّةً وَلَكِنْ خَالَفَهُمْ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ الْفِعْلَ مُقَدَّمًا وَهُوَ يُقَدِّرُهُ مُؤَخَّرًا. وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ يُقَدِّرُونَهُ فِعْلَ الْبِدَايَةِ وَهُوَ يُقَدِّرُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بِحَسْبِهِ فَإِذَا قَالَ الذَّابِحُ: بِسْمِ اللَّهِ كَانَ التَّقْدِيرُ: بِسْمِ اللَّهِ أَذْبَحُ وَإِذَا قَالَ القارىء: بِسْمِ اللَّهِ فَالتَّقْدِيرُ: بِسْمِ اللَّهِ أَقْرَأُ.
وَمَا قَالَ أَجْوَدُ مِمَّا قَالُوا لِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْمُنَاسَبَةِ أَوْلَى مِنْ إِهْمَالِهَا وَلِأَنَّ اسْمَ اللَّهِ أَهَمُّ مِنَ الْفِعْلِ فَكَانَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ "، جَنْبِي فَقَدَّمَ اسْمَ اللَّهِ على الفعل المتعلق ثم الْجَارُّ وَهُوَ "وَضَعْتُ".
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِسُؤَالٍ وَقَعَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خلق السماوات والأرض ليقولن الله} وَقَوْلِهِ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا ليقولن الله} وَقَوْلِهِ: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قل بل ملة إبراهيم} أَيْ بَلْ نَتَّبِعُ.