وَاخْتُلِفَ فِي جَوَابِ الْقَسَمِ فِي: {ص وَالْقُرْآنِ ذي الذكر} فَقَالَ الزَّجَّاجُ: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النار} ، وَاسْتَبْعَدَهُ الْكِسَائِيُّ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قَدْ تَأَخَّرَ كَثِيرًا وَجَرَتْ بَيْنَهُمَا قِصَصٌ مُخْتَلِفَةٌ فَلَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ في العربية.
وقيل: {كم أهلكنا} وَمَعْنَاهُ: لَكَمْ أَهْلَكْنَا وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ وَحُذِفَتِ اللَّامُ لِطُولِ الْكَلَامِ.
وَقَالَ الْأَخْفَشُ: {إِنْ كُلٌّ إلا كذب الرسل} وَالْمُعْتَرِضُ بَيْنَهُمَا قِصَّةٌ وَاحِدَةٌ.
وَعَنْ قَتَادَةَ: {بَلِ الذين كفروا في عزة وشقاق} ، مثل: {ق والقرآن المجيد بل عجبوا} .
وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ فِي هَذَا الْقَوْلِ: مَعْنَى "بَلْ" تَوْكِيدُ الْأَمْرِ بَعْدَهُ فَصَارَ مِثْلَ أَنَّ الشَّدِيدَةِ تُثْبِتُ مَا بَعْدَهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا مَعْنًى آخَرَ فِي نَفْيِ خَبَرٍ مُتَقَدِّمٍ كَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ.
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ: إِنَّ النَّحْوِيِّينَ قَالُوا: إِنَّ "بَلْ" تَقَعُ فِي جَوَابِ الْقَسَمِ كَمَا تَقَعُ "إِنَّ" لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا تَوْكِيدُ الْخَبَرِ وذلك في {ص والقرآن} الآية. وفي: {ق والقرآن} الْآيَةَ. وَهَذَا مِنْ طَرِيقِ الِاعْتِبَارِ وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى "إِنَّ" لِأَنَّهُ سَائِغٌ فِي كَلَامِهِمْ أَوْ يَكُونَ "بَلْ" جَوَابًا لِلْقَسَمِ لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ مُتَضَمِّنَةً رَفْعَ خَبَرٍ وَإِتْيَانَ خَبَرٍ بَعْدَهُ كَانَتْ أَوْكَدَ مِنْ سَائِرِ التَّوْكِيدَاتِ فَحَسُنَ وَضْعُهَا موضع "إن".