وَالثَّانِي: النَّظِيرُ فِي قَوْلِهِ: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لهم الأبواب} .
وَلِلنَّحْوِيِّينَ فِي الْآيَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:.
أَحَدُهَا: أَنَّ الْوَاوَ زَائِدَةٌ وَالْجَوَابُ قَوْلُهُ: [فُتِحَتْ] وَهَؤُلَاءِ قِسْمَانِ مِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ هَذِهِ الْوَاوَ مَعَ أَنَّهَا زَائِدَةٌ وَاوَ الثَّمَانِيَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُثْبِتْهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْجَوَابَ مَحْذُوفٌ عُطِفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: [وَفُتِحَتْ] كَأَنَّهُ قَالَ: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا [جَاءُوهَا] وَفُتِحَتْ} قَالَ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ: وَفِي هَذَا حَذْفُ الْمَعْطُوفِ وَإِبْقَاءُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْجَوَابَ مَحْذُوفٌ آخِرُ الْكَلَامِ كَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ الْفَرَاغِ استقروا أو خلدوا أواستووا مِمَّا يَقْتَضِهِ الْمَقَامُ وَلَيْسَ فِيهِ حَذْفُ مَعْطُوفٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ إِذَا جَاءُوهَا أَذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا الْمَجِيءُ لَيْسَ سَبَبًا مُبَاشِرًا لِلْفَتْحِ بَلِ الْإِذْنُ فِي الدُّخُولِ هُوَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} ، أَيْ رَحِمَهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ وَهَذَا التَّأْوِيلُ أَحْسَنُ مِنَ الْقَوْلِ بِزِيَادَةِ [ثُمَّ] .
وَحَذْفُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَإِبْقَاءُ الْمَعْطُوفِ سَائِغٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فدمرناهم تدميرا} ، التَّقْدِيرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: فَذَهَبَا فَبَلَّغَا فَكُذِّبَا فَدَمَّرْنَاهُمْ لِأَنَّ الْمَعْنَى يُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ.
وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عليكم} ، أَيْ فَامْتَثَلْتُمْ أَوْ فَعَلْتُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ.