وقوله: {كلوا واشربوا} لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدِ الْأَكْلَ مِنْ مُعَيَّنٍ وَإِنَّمَا أَرَادَ وُقُوعَ هَذَيْنِ الْفِعْلَيْنِ.
وَقَوْلِهِ: {هَلْ يَسْتَوِي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} وَيُسَمَّى الْمَفْعُولُ حِينَئِذٍ مَمَاتًا.
وَلَمَّا كَانَ التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ هَذَا مِنَ الْمَحْذُوفِ فَإِنَّهُ لَا حَذْفَ فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَكِنْ تَبِعْنَاهُمْ فِي الْعِبَارَةِ نَحْوَ فُلَانٌ يُعْطِي قَاصِدًا أَنَّهُ يَفْعَلُ الْإِعْطَاءَ وَتُوجَدُ هَذِهِ الْحَقِيقَةُ إِيهَامًا لِلْمُبَالَغَةِ بِخِلَافِ مَا يُقْصَدُ فِيهِ تَعْمِيمُ الْفِعْلِ نَحْوَ هُوَ يُعْطِي وَيَمْنَعُ فَإِنَّهُ أَعَمُّ تَنَاوُلًا مِنْ قَوْلِكَ يُعْطِي الدِّرْهَمَ وَيَمْنَعُهُ وَالْغَالِبُ أَنَّ هَذَا يُسْتَعْمَلُ فِي النَّفْيِ كَقَوْلِهِ: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يبصرون} ، وَالْآخَرُ فِي الْإِثْبَاتِ، كَقَوْلِهِ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيات لقوم يعقلون} .
وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا الضَّرْبِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُحْيِي ويميت} وقوله: {لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ} وَقَوْلُهُ: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أمة من الناس} إِلَخْ الْآيَةَ حُذِفَ مِنْهَا الْمَفْعُولُ خَمْسَ مَرَّاتٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَهُوَ قَوْلُهُ [يَسْقُونَ] وَقَوْلُهُ [تذودان] وقوله: {لا نسقي حَتَّى يَصْدُرَ الرِّعَاءُ} مَوَاشِيَهُمْ [فَسَقَى لَهُمَا] غَنَمَهُمَا وقوله: {لنخرجنك يا شعيب} قِيلَ: لَوْ ذُكِرَ الْمَفْعُولُ فِيهَا نَقَصَ الْمَعْنَى والمراد