وقال الزمخشري في قوله: {من اللَّهُ} فِي الْقَسَمِ: إِنَّهَا [ايْمَنُ] الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي الْقَسَمِ حُذِفَتْ نُونُهَا.
وَمِنْ هَذَا التَّرْخِيمُ ومنه قراءة بعضهم: [يا مال] عَلَى لُغَةِ مَنْ يَنْتَظِرُ وَلَمَّا سَمِعَهَا بَعْضُ السَّلَفِ قَالَ مَا أَشْغَلَ أَهْلَ النَّارِ عَنِ التَّرْخِيمِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُمْ لِشِدَّةِ مَا هُمْ فِيهِ عَجَزُوا عَنْ إِتْمَامِ الْكَلِمَةِ.
الثَّانِي: الِاكْتِفَاءُ وَهُوَ أَنْ يَقْتَضِيَ الْمَقَامُ ذِكْرَ شَيْئَيْنِ بَيْنَهُمَا تَلَازُمٌ وَارْتِبَاطٌ فَيُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ وَيُخَصُّ بِالِارْتِبَاطِ الْعَطْفِيِّ غَالِبًا فَإِنَّ الِارْتِبَاطَ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ وُجُودِيٌّ وَلُزُومِيٌّ وَخَبَرِيٌّ وَجَوَابِيٌّ وَعَطْفِيٌّ.
ثُمَّ لَيْسَ الْمُرَادُ الِاكْتِفَاءَ بِأَحَدِهِمَا كَيْفَ اتُّفِقَ بَلْ لِأَنَّ فِيهِ نُكْتَةً تَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ.
وَالْمَشْهُورُ فِي مِثَالِ هَذَا النَّوْعِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر} أَيْ وَالْبَرْدَ هَكَذَا قَدَّرُوهُ. وَأَوْرَدُوا عَلَيْهِ سُؤَالَ الْحِكْمَةِ مِنْ تَخْصِيصِ الْحَرِّ بِالذِّكْرِ وَأَجَابُوا بِأَنَّ الْخِطَابَ لِلْعَرَبِ وَبِلَادُهُمْ حَارَّةٌ وَالْوِقَايَةُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْحَرِّ أَهَمُّ لِأَنَّهُ أَشَدُّ مِنَ الْبَرْدِ عِنْدَهُمْ.
وَالْحَقُّ أَنَّ الْآيَةَ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ فَإِنَّ الْبَرْدَ ذُكِرَ الِامْتِنَانُ بِوِقَايَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا} وقوله: {وجعل لكم من.