أَحَدُهُمَا: أَنَّ سُؤَالَهُمْ لِصَرْفِ الْعَذَابِ مُعَلَّلٌ بِأَنَّهُ غَرَامٌ أَيْ مُلَازِمٌ الْغَرِيمَ وَبِأَنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا.

الثَّانِي: أَنَّ [سَاءَتْ] . تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهِ غَرَامًا.

السَّابِعُ: أَنَّ وَالْفِعْلُ الْمُسْتَقْبَلُ بَعْدَهَا تَعْلِيلًا لِمَا قَبْلَهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الكتاب على طائفتين من قبلنا} .

وقوله تعالى: {أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله} .

وَقَوْلِهِ: {تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا ألا يجدوا ما ينفقون} .

كَأَنَّهُ قِيلَ: لِمَ فَاضَتْ أَعْيُنُهُمْ مِنَ الدَّمْعِ؟ قِيلَ: لِلْحُزْنِ، فَقِيلَ: لِمَ حَزِنُوا؟ فَقِيلَ: لِئَلَّا يَجِدُوا.

وَقَوْلِهِ: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخرى} .

وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ. وَفِي ذَلِكَ طَرِيقَانِ:.

أَحَدُهُمَا: لِلْكُوفِيِّينَ، أَنَّ الْمَعْنَى لِئَلَّا يَقُولُوا وَلِئَلَّا تَقُولُ نَفْسٌ.

الثَّانِي: لِلْبَصْرِيِّينَ، أَنَّ الْمَفْعُولَ مَحْذُوفٌ، أَيْ كَرَاهَةَ أَنْ يَقُولُوا أَوْ حَذَارِ أَنْ يَقُولُوا فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَسْتَقِيمُ الطَّرِيقَانِ فِي قَوْلُهُ: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} ؟ فَإِنَّكَ إِذَا قَدَّرْتَ: [لِئَلَّا تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا] لَمْ يَسْتَقِمْ عَطْفُ [فَتُذَكِّرَ] عَلَيْهِ وَإِنْ قَدَّرْتَ: [حَذَارِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا] لَمْ يَسْتَقِمِ الْعَطْفُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الضَّلَالَةُ عِلَّةً لشهادتهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015