تَنْبِيهٌ:.

تَحَصَّلَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ قَصْدَ الْمُبَالَغَةِ يَسْتَلْزِمُ فِي الْحَالِ الْإِيجَازَ إِمَّا بِالْحَذْفِ وَإِمَّا بحجل الشَّيْءِ نَفْسَ الشَّيْءِ أَوْ يَتَكَرَّرُ لَفْظٌ يَتِمُّ بِتَكَرُّرِهِ التَّهْوِيلُ وَالتَّعْظِيمُ وَيَقُومُ مَقَامَ أَوْصَافٍ كَقَوْلِهِ تعالى: {الحاقة ما الْحَاقَّةِ} .

وَقَدْ نَصَّ سِيبَوَيْهِ عَلَى هَذَا كُلِّهِ فِي مَوَاضِعَ شَتَّى مِنْ كِتَابِهِ لِافْتِرَاقِهَا فِي أحكام.

فائدة.

[في اختلاف الأقوال في تقدير المبالغة في الكلام] .

اخْتُلِفَ فِي الْمُبَالَغَةِ عَلَى أَقْوَالٍ:.

أَحَدُهَا: إِنْكَارُ أَنْ تَكُونَ مِنْ مَحَاسِنِ الْكَلَامِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الِاسْتِحَالَةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا الْغَايَةُ فِي الْحُسْنِ وَأَعْذَبُ الْكَلَامِ مَا بُولِغَ فِيهِ وَقَدْ قَالَ النَّابِغَةُ:

لَنَا الْجَفَنَاتُ الْغُرُّ يَلْمَعْنَ فِي الضُّحَى ... وَأَسْيَافُنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْدَةٍ دَمَا

وَالثَّالِثُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّهَا مِنْ مَحَاسِنِ الْكَلَامِ وَلَا يَنْحَصِرُ الْحُسْنُ فِيهَا فَإِنَّ فَضِيلَةَ الصِّدْقِ لَا تُنْكَرُ وَلَوْ كَانَتْ مَعِيبَةً لَمْ تَرِدْ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَهَا طَرِيقَانِ:.

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُسْتَعْمَلَ اللَّفْظُ فِي غَيْرِ مَعْنَاهُ لُغَةً كَمَا فِي الْكِنَايَةِ وَالتَّشْبِيهِ وَالِاسْتِعَارَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ وَالثَّانِي: أَنْ يُشْفَعَ مَا يُفْهِمُ الْمَعْنَى بِالْمَعْنَى عَلَى وجه يتقضى زِيَادَةً فَتَتَرَادَفُ الصِّفَاتُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015