الكتاب لتبيننه} {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} .

الرَّابِعَةُ: الْقَسَمُ وَالشَّرْطُ، يَدْخُلُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَسَمُ وَدَخَلَ الشَّرْطُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَوَابِ كَانَ الْجَوَابُ لِلْقَسَمِ وَأَغْنَى عَنْ جَوَابِ الشَّرْطِ وَإِنْ عُكِسَ فَبِالْعَكْسِ وَأَيُّهُمَا تَصَدَّرَ كَانَ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ وَالْجَوَابُ لَهُ.

وَمِنْ تَقَدُّمِ الْقَسَمِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ} ، تَقْدِيرُهُ: [وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ] فَاللَّامُ الدَّاخِلَةُ على الشرط ليس بِلَامِ الْقَسَمِ وَلَكِنَّهَا زَائِدَةٌ وَتُسَمَّى الْمُوَطِّئَةَ لِلْقَسَمِ وَيَعْنُونَ بِذَلِكَ أَنَّهَا مُؤْذِنَةٌ بِأَنَّ جَوَابَ الْقَسَمِ مُنْتَظَرٌ أَيِ الشَّرْطُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِأَنَّ الْجَوَابَ لَا يَكُونُ إِلَّا خَبَرًا.

وَلَيْسَ دُخُولُهَا عَلَى الشَّرْطِ بِوَاجِبٍ بِدَلِيلِ حَذْفِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .

وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْجَوَابِ لِلْقَسَمِ لَا لِلشَّرْطِ دُخُولُ اللَّامِ فِيهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْزُومٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} وَلَوْ كَانَ جَوَابُ الشَّرْطِ لَكَانَ مَجْزُومًا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى الله تحشرون} ،فَاللَّامُ فِي [وَلَئِنْ] هِيَ الْمُوَطِّئَةُ لِلْقَسَمِ وَاللَّامُ فِي {لَإِلَى اللَّهِ} هِيَ لَامُ الْقَسَمِ وَلَمْ تَدْخُلْ نُونُ التَّوْكِيدِ عَلَى الْفِعْلِ لِلْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّامِ بِالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ. وَالْأَصْلُ: [لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لِتُحْشَرُونِ إِلَى اللَّهِ] فَلَمَّا قُدِّمَ مَعْمُولُ الْفِعْلِ عَلَيْهِ حُذِفَ مِنْهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015