وَجَوَابُهُ أَنَّهُ قَابَلَ عِيسَى بِمُفْرَدِهِ بِمَجْمُوعِ الْمَلَائِكَةِ وَلَيْسَ النِّزَاعُ فِي تَفْضِيلِ الْجَمْعِ عَلَى الْوَاحِدِ

الثَّانِي: أَنَّهُ نَفَى الظُّلْمَ الْكَثِيرَ فَيَنْتَفِي الْقَلِيلُ ضرورة لأن الَّذِي يَظْلِمُ إِنَّمَا يَظْلِمُ لِانْتِفَاعِهِ بِالظُّلْمِ فَإِذَا تَرَكَ الظُّلْمَ الْكَثِيرَ مَعَ زِيَادَةِ ظُلْمِهِ فِي حق من يجوز عليه النفع كَانَ الظُّلْمُ الْقَلِيلُ فِي الْمَنْفَعَةِ أَكْثَرَ

الثَّالِثُ: أَنَّهُ عَلَى النَّسَبِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَحَكَاهُ فِي شَرْحِ الْكَافِيَةِ عَنِ الْمُحَقِّقِينَ أَيْ: "ذَا ظُلْمٍ" كَقَوْلِهِ: "وَلَيْسَ بِنَبَّالٍ" أَيْ: بِذِي نُبْلٍ أَيْ: لَا يُنْسَبُ إِلَى الظُّلْمِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ بَزَّازٍ وَعَطَّارٍ

الرَّابِعُ: أَنَّ فَعَّالًا قَدْ جاء غير مراد به الكثرة كقوله طَرَفَةَ:

وَلَسْتُ بِحَلَّالِ التِّلَاعِ مَخَافَةً

وَلَكِنْ مَتَى يَسْتَرْفِدِ الْقَوْمُ أَرْفِدِ

لَا يُرِيدُ أَنَّهُ يَحُلُّ التِّلَاعَ قَلِيلًا لِأَنَّ ذَلِكَ يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ: "يَسْتَرْفِدِ القوم أرفد" هذا يدل عَلَى نَفْيِ الْحَالِ فِي كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ تمام المدح لا يحصل بِإِيرَادِ الْكَثْرَةِ

الْخَامِسُ: أَنَّ أَقَلَّ الْقَلِيلِ لَوْ وَرَدَ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَقَدْ جَلَّ عَنْهُ لَكَانَ كَثِيرًا لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ كَمَا يُقَالُ زَلَّةُ الْعَالِمِ كَبِيرَةٌ

ذَكَرَهُ الْحَرِيرِيُّ فِي الدُّرَّةِ قَالَ: وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمَخْزُومِيُّ فِي قَوْلِهِ:

كَفُوفَةِ الظُّفْرِ تَخْفَى مِنْ حَقَارَتِهَا

وَمِثْلَهَا فِي سَوَادِ الْعَيْنِ مَشْهُورُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015