قَالَ: سَأَلْتُهُ: هَلْ هُوَ "قَرْحَى" أَوْ "قَرْحًا مُنَوَّنٌ؟ فَقَالَ لِي: قَرْحًا مُنَوَّنٌ أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْدَهَا "وَعَادَتْ بَهَارًا" قَالَ: يَعْنِي أَنَّ بهارا جمع بهار وقرحى جَمْعُ قُرْحَةٍ ثُمَّ أَطْنَبَ فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْمُتَنَبِّي وَاسْتَغْرَبَ فِطْنَتَهُ لِأَجْلِ هَذَا وَبَيَانُ مَا ذَكَرْتُ فِي الْآيَةِ أَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ لِقِسْمَيْنِ قِسْمُ الضَّلَالِ وَقِسْمُ التَّذْكِيرِ فَأَسْنَدَ الْفِعْلَ الثَّانِيَ إِلَى ظَاهِرٍ حَيْثُ أَسْنَدَ الْأَوَّلَ وَلَمْ يُوصَلْ بِضَمِيرٍ مَفْصُولٍ لِكَوْنِ الْأَوَّلِ لَازِمًا فَأَتَى بِالثَّانِي عَلَى صُورَتِهِ مِنَ التَّجَرُّدِ عَنِ الْمَفْعُولِ ثُمَّ أَتَى بِهِ خَبَرًا بَعْدَ اعْتِدَالِ الْكَلَامِ وَحُصُولِ التَّمَاثُلِ فِي تَرْكِيبِهِ

وَلَوْ قِيلَ: إِنَّ الْمَرْفُوعَ حَرْفٌ لَكَانَ أَبْلَغَ فِي الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَيَكُونُ الْأَخِيرُ بَدَلًا أَوْ نَعْتًا عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ كَأَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَانَ ضَلَالٌ مِنْ إِحْدَاهُمَا كَانَ تَذْكِيرٌ مِنَ الْأُخْرَى وَقَدَّمَ عَلَى "الْأُخْرَى" لَفْظَ "إِحْدَاهُمَا" لِيُسْنِدَ الْفِعْلَ الثَّانِيَ إِلَى مِثْلِ مَا أُسْنِدَ إِلَيْهِ الْأَوَّلُ لَفْظًا وَمَعْنًى وَاللَّهُ أَعْلَمُ

السَّادِسَ عَشَرَ: كَوْنُ مَا يَصْلُحُ لِلْعَوْدِ وَلَمْ يُسَقِ الْكَلَامُ لَهُ

كَقَوْلِهِ: {رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أعلم} وَكَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

تَبْكِي عَلَى زَيْدٍ وَلَا زَيْدَ مثله

برئ مِنَ الْحُمَّى سَلِيمُ الْجَوَانِحِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015