ولا يفيد المشكور شيئا فكيف يقضي العقل بوجوبه فإن قيل إنه يفيد الشاكر الثواب الجزيل في الآجل والعقل قاض باحتمال التعب العاجل لارتقاب النفع الآجل المربى على التعب المحتمل قلنا: كيف يدرك ذلك بالعقل ومن أين يعرف العقل هذا؟ والمشكور يقول: لا يجب على نفعك ابتداء وما نفعتني فأعوضك فإن قيل يدرأ الشاكر بالشكر العقاب المرتقب على ترك الشكر قلنا كيف يعلم ذلك؟ والكفر والشكر سيان في حق المشكور فإن قيل إن لم يقطع بالعقاب لم يأمنه قلنا إذا تحقق استواء الأمرين فارتقاب العقاب على ترك الشكر كارتقابه على فعله ولا يبقى بعد ذلك مضطرب.

17- ومما ذكره الأستاذ أبو إسحاق1 - رحمه الله عليه - في مفاوضة له إذ قال الشاكر متعب نفسه وهو ملك خالقه فقد يتوقع على تنقيص ملك المالك من غير إذنه فيما لا ينفع به المالك عقابا.

18- وللخصوم مسلكان: أحدهما: التعلق [بتعاقل] العقلاء شاهدا فيزعمون أن الشكر واجب شاهدا ثم يقضون بذلك على الغائب وهذا ظاهر السقوط فإن ما ذكروه إن سلم لهم فهو من جهة انتفاع المشكور والرب تعالى متعال عن قبول النفع والضر كما سبق.

والمسلك الثاني: في توقع العقاب وقد اندرج تحت ما سبق سؤالا وجوابا.

19- ومما يعد من غوامض الأسئلة كلام للخصوم في وجوب النظر والمسألة وإن كانت مرسومة في الشكر فكل ما يدعى الخصم وجوبه عقلا فمأخذ الكلام فيه واحد.

فإن قالوا: لو لم نقض بوجوب النظر عقلا لانحسمت دعوة الأنبياء عليهم السلام وخصموا إذا دعوا فلم يجابوا فإن المدعوين يقولون لا ننظر فيما جئتم به فإن الوجوب مستدرك بالشرع ولم يتقرر عندنا شرع يتضمن وجوب النظر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015