صادفناه وظنناه موافق لعلل الصحابة ومسالكهم رضي الله عنهم في النظر فهو الدليل على وجوب العمل لا نفس الإخالة ولم يثبت تمسك الصحابة بالطرد فلا يبقى للمستنبط وجه يبنى عليه الظن بأن ما طرده منصوب الشارع فال الأمر إلى التحكم المحض وهو باطل من دين الأمة كما سبق تقريره.
مسألة:
753- إذا ذكر المستنبط علة مخيلة مناسبة ولكنها منتقضة فقيدها بلفظ يدرا النقض فالذين يتمسكون بالطرد المحض لا يمتنعون من التمسك بها والذين ردوا الطرد اختلفوا في ذلك.
فذهب المحقون: إلى أن ذلك الوصف الزائد الذي لاحظ له في الفقه على حياله ولا على تقدير ضمه محذوف غير محتفل به والدليل على ذلك هو الدليل على إبطال الطرد فإن حاصل القول في الرد على القائلين به نسبتهم إلى التحكم ولا فرق بين التحكم بما هو على صيغة علة وبين التحكم بصيغة [تقيدت] العلة بها.
754- وهذه المسألة لا تصفو قبل ذكر النقض وحقيقته ورده وقبوله فإن الخصم قد يقول فائدة هذه الزيادة درء النقض فإذا ظهرت فائدته في الكلام خرج عن كونه متحكما به من حيث نتج فائدة وهي اندفاع النقض وليس كما إذا كان الكلام بجملته طردا غير مناسب لأن صاحبه حرى أن ينسب إلى التحكم.
فالوجه أن يقال: إن كانت المسألة التي ترد نقضا لو حذفت الزيادة تفارق محل العلة بفرق فقهي فالمذكور دونه بعض العلة والاقتصار على بعض العلة لا يجدي فائدة وإن كان لا ينقدح فرق فقهي فالعلة منتقضة لا يعصم فيها لفظ لا يفيد فقها ولا يشعر بفرق معنوي وهو بمثابة تعليل الرجل حكما مع تقييد العلة بنعيق غراب أو ما في معناه مما لا يفيد حتى إذا ألزم شيئا اتخذ ما ذكره مدراه وهذا من الفن الذي يأنف منه المحقق وسنعود إلى تحقيق ذلك في باب النقض إن شاء الله تعالى.
755- فإذا ثبت أن التقييد بما لا فقه له لا يفيد فلو فرض التقييد باسم غير مشعر في وضع اللسان بفقه ولكن مباينة المسمى لما عداه مشهورة عند النظار فهل يكون التقييد بمثل هذا اللفظ محصنا للعلة وهذا كتقييد العلة بالطلاق في قول القائل جزء [حله الحل] فإضافة الطلاق إليه نافذة كالجزء الشائع.