740- وذهب طوائف من أصحاب أبي حنيفة إلى أنه حجة من حجج الله تعالى إذا سلم من الانتقاض وجرى على الاطراد.

741- وذهب الكرخي إلى أن التعلق به مقبول جدلا ولا يسوغ التعويل عليه عملا ولا فتوى.

742- وقد أكثر المحققون في وجوه الرد على أصحاب الطرد وحاصل ما ذكروه يئول إلى وجوه منها:

أن أقيسة المعاني لم تقتض الأحكام لأنفسها وإنما ظهر لنا من دأب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم التعلق بها إذا عدموا متعلقا من الكتاب والسنة فكان مستند الأقيسة الصحيحة إجماعهم على ما سبق تقريره.

والذي تحقق لنا من مسلكهم النظر إلى المصالح والمراشد والاستحثاث على اعتبار محاسن الشريعة فأما الاحتكام بطرد لا يناسب الحكم لا يثير شبها فما كانوا يرونه أصلا فإذا لم يستند الطرد إلى دليل قاطع سمعي بل يتبين أنهم كانوا يأبونه ولا يرونه ولو كان الطرد مناطا لأحكام الله تعالى لما أهملوه وعطلوه فقد استمرت الطريقة قاطعة من وجهين:

أحدهما: أنا أوضحنا أنه ليس للطرد مستند معلوم ولا مظنون وليس هو في نفسه مقتضيا حكما لعينه.

والآخر: أنا نعلم إضرابهم عن مثله في النظر في أحكام الوقائع كما نعلم إكبابهم على تطبيق الأحكام على المصالح الشرعية وهذه طريقة واقعة.

743- ومن أوضح ما يعتصم [به] أن مناط الأعمال في الشريعة ينقسم إلى معلوم ومظنون وما لا يتطرق إليه علم ولا ظن فذاكره ومعلق الحكم به متحكم وقد أجمع حملة الشريعة على بطلان الاحتكام.

فإن ادعى الطارد ظنا [تبين] خلفه وكذبه فإن للظن في مطرد العرف أسبابا كما أن للعلوم النظرية طرقا مفضية إليها ومن ادعى أنه يظن أن وراء الجبل المظل غزالة من غير أن يبين لظنه مرتبطا أو سببا كان صاحب هذه المقالة كاذبا أو مخيلا فإذا بطل التحكم ولم ينقدح ظن ولا علم والذي ربط به ثبوت الحكم لو نسب إلى نفيه لكان كما لو نسب إلى إثباته فلا يبقى للتعلق به وجه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015