732- والقدر اللائق بغرضنا: أن نثبت ما يعلم ثبوته على اضطرار من غير حاجة [إلى نظر] واعتبار وهو كإلحاق صب البول في الماء الراكد بالبول فيه وما أنكر هذا الجنس إلا حشوية لا يبالى بقولهم وهم في الشرع كمنكرى البدائه في المعقولات وهؤلاء داود وطائفة من أصحابه وقد قال القاضي لا يعتد بخلاف هؤلاء ولا ينخرق الإجماع بخروجهم عنه وليسوا معدودين من علماء الشريعة.
733- ومن هذا الفن ما يحتاج فيه إلى فكر قريب وهو ينقسم إلى الجلي البالغ وإلى ما ينحط عنه:
فالجلي: كإلحاق الأمة بالعبد في الحديث الذي ذكرناه وسبب الوضوح أن ما منه اشتقاق العبد يتحقق في الأمة فإذا العبودية تجمعها وقد يقال: عبدة للأمة فإذا انضم هذا إلى علم العاقل باستواء أثر العتق في العبد والأمة واعتقاد تماثل السريان فيهما وتشاكل عسر التجزئة ترتب على ذلك القطع بتنزيل الأمة منزلة العبد.
734- وما يتخلف الاشتراك عنه في معنى الاسم فهو دون ما ذكرناه وإن كان معلوما فهو كتنزيل [نبيذ] الزبيب منزلة [نبيذ] التمر لو صح حديث ابن مسعود في الحكاية المروية ليلة الجن ولا يأبى هذا [الإلحاق ذو] حظوة من التحصيل ولسنا نرى إلحاق الأرز بالبر في الربويات من قبيل القطعيات وإلحاق الزبيب بالتمر أقرب وليس مقطوعا به من قبل أن التمر قوت غالب عام فقد يرى الشارع فيه استصلاحا ولم يبلغنا أن أمة من الأمم كانت تجتزئ بالزبيب.
مسألة:
735- ما علم قطعا بهذه الجهات التحاقه بالمنصوص عليه فلا حاجة فيه إلى استنباط معنى من مورد النص وبيان وجود ذلك المعنى في المسكوت عنه بل العقل يسبق إلى القضاء بالإلحاق ويقدره بالمنصوص عليه وإن لم ينظر في كونه معللا بمعنى مناسب مخيل أو غير مخيل ولو قدر معللا فلا يتوقف ما ذكرناه من الإلحاق على تعيين علته المستنبطة وإذا كان كذلك فقد اختلف أرباب الأصول في تسمية ذلك قياسا فقال قائلون إنه ليس من أبواب القياس وهو متلقى من فحوى الخطاب.
وقال آخرون: هو من القياس وهذه مسألة لفظية ليس وراءها فائدة معنوية ولكن الأمر إذا رد إلى حكم اللفظ فعد ذلك من القياس أمثل من جهة أن النص غير مشعر به من طريق وضع اللغة وموجب اللسان ولو قال رجل: من أعتق نصفا من.