قلنا: لا أصل لهذه المقالة وهي كمحاولة تسبيع الغزالة [فأنى تفي] الظواهر ومقتضياتها بالأحكام التي طبقت طبق الأرض والأقضية التي فاتت الحد والعد وقد أوضحنا بالنقل المتواتر عنهم أنهم كانوا يقدمون كل متعلق بنص وظاهر ثم كانوا يشتورون وراء ذلك ويثبتون الأحكام على وجوه الرأي واعتبار المسكوت عنه بالمنصوص عليه.
716- فقد تبين بمجموع ما ذكرناه إجماع الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ومن بعدهم على العمل بالرأي والنظر في مواقع الظن ومن أنصف من نفسه لم يشكل عليه إذا نظر في الفتاوى والأقضية أن تسعة أعشارها صادرة عن الرأي المحض والاستنباط ولا تعلق لها بالنصوص والظواهر.
717- فإن قالوا: قد روى عن جمع من أئمة الصحابة رد الرأي والرد على القائلين به قال أبو بكر1 رضي الله عنه: "أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله برأيي؟ "2 وقال ابن مسعود3 رضي الله عنه: "لو عملتم بالرأي لحللتم كثيرا مما حرم الله وحرمتم كثيرا مما أحل الله تعالى"4 إلى غير ذلك من أفراد اثار فقد عورضوا بأضعافها وذكروا أولا إشارة الرسول عليه السلام إلى القياس في الأخبار.
منها: ما روى أنه عليه السلام سئل عن قبلة الصائم، فقال للسائل: "أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته" 5 فكان ذلك منه قياسا للقبلة على المضمضة وقال عليه السلام لضباعة الأسدية وقد ذكرت له حجا على أبيها وسألته عن إمكان أدائه فقال: "أرأيت لو كان على أبيك دينا أكنت تقضينه؟ " 6 قالت: نعم، قال: "فدين الله أحق بالقضاء"، وقول ابن مسعود7 في حديث بروع8 بنت واشق وقد كانت فوضت بعضها فردد ابن مسعود السائل شهرا ثم قال:9 "إني أقول فيها [برأيي] .