وهذا مذهب أحمد بن حنبل1 والمقتصدين من أتباعه فليسوا ينكرون إفضاء نظر العقل إلى العلم ولكنهم ينهون عن ملابسته والاشتغال به.
693- وذهب الغلاة من الحشوية2 وأصحاب الظاهر إلى رد القياس العقلي والشرعي.
694- وأنا أقول: أطلق النقلة القياس العقلي فإن عنوا به النظر العقلي فهو في نوعه إذا استجمع شرائط الصحة مفض إلى العلم مأمور به شرعا والقياس الشرعي متقبل [شرعا] معمول به إذا صح على السبر اللائق به كما سيأتي شرح ذلك في أبواب الكتاب إن شاء الله تعالى.
وإن عنى الناقلون بالقياس العقلي اعتبار شيء بشيء ووقوف نظر في غائب على استثارة معنى من شاهد فهذا باطل عندي لا أصل له وليس في المعقولات قياس [وقد فهم عنا ذلك طالب المعقولات] .
والأمر المختص بهذا الفن الكلام في الأقيسة الشرعية وذكر الخلاف المتعلق بجملتها.
695- فقد ذهب النظام3 ومن تابعه من الضلال4 والحشوية إلى إنكار القياس الشرعي والذين ردوا القياس اختلفوا في طريق رده فقال بعضهم الخوض فيه قبيح لعينه.
696- وقال آخرون: في التعبد به منع الناس من المسلك الأقصد الأسد وعنوا به أن التنصيص على مواقع الإشكال أقطع للنزاع وأرفع للدفاع وأجلب للطمأنينة وأنفى لرهج الخلاف وأدعى إلى الائتلاف ويجب على الله تعالى